كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

وكان ابن عباس يقول: إذا أدركك رمضان وأنت مقيم فصم، وإذا كنت مسافرًا فأنت بالخيار، إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر (¬١).
وروى ابن سيرين، عن عَبيدة، عن علي قال: من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر لزمه الصوم، لأن اللَّه عز من قائل يقول: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (¬٢).
وقال ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: إهلاله بالدار يوجب الصيام على من أقام أو سافر.
وكان الحسن، وعمرو بن شرحبيل، ومحمد بن سيرين، وسعيد بن المسيب (¬٣) يرون لمن سافر في رمضان وقد كان صام بعضه أن يفطر إن شاء (¬٤).
قال القاضي رحمه اللَّه: وفعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وإفطاره بالكَدِيدِ، وعُسْفان، وقد سافر ليومين خلَوا من رمضان أولى أن يُعمَل به، إذ قد أتبعه العمل، ومع ذلك فإن مالكًا -رضي اللَّه عنه- قال: أحبُّ إليَّ الصيام لمن قدَر عليه (¬٥).
وقد قال قوم من المتأخرين (¬٦): إن من صام في السفر أعاد، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ليس من البِر الصيام في السفر" (¬٧).
---------------
(¬١) رواه ابن جرير (٢/ ١٥٢).
(¬٢) رواه ابن جرير (٢/ ١٥٢)، وابن أبي حاتم (١/ ٣١١ - ٣١٢).
(¬٣) الرواية عن الحسن سعيد بن المسيب أخرجها ابن جرير (٢/ ١٥٤)، وعن عمرو بن شرحبيل وهو أبو ميسرة الهمذاني، أخرجها ابن جرير (٢/ ١٥٣).
(¬٤) في الأصل: إن شاء اللَّه.
(¬٥) المدونة (١/ ٢٠١)، وفي الموطأ برواية القعنبي برقم ٧٩٨، كتاب: الصيام، باب: الصيام في السفر، قال مالك: والصيام في السفر لمن قوي عليه حسن.
(¬٦) عدم جواز الصوم في السفر مذهب داود وأصحابه، ونصره ابن حزم في المحلى (٦/ ٢٤٦) وما بعدها.
(¬٧) متفق عليه من حديث جابر بن عبد اللَّه، البخاري برقم ١٩٤٦، كتاب: الصوم، باب: قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن ظلل عليه، ومسلم برقم (٣/ ١٤٢)، كتاب: الصيام، باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.

الصفحة 116