كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

وهذا إنما هو في التطوع إذا قارنته مشقة تخفيفًا ورحمة للعباد، ويدخل في ذلك الفرض عند الشدة، لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه يحب أن تؤخذ رخصه كما يحب أن تؤخَذ عزائمه" (¬١)، لأن اللَّه قد رفَّه ويسَّر، وأباح الإفطار رفقًا بالعليل والمسافر، مع قضاء العدة.
وقد كانت عائشة -رضي اللَّه عنها- تصوم في السفر (¬٢). وقال أنس: إن أفطرت [فرخصة] (¬٣)، وإن صمت فالصوم أفضل (¬٤). وقال عثمان بن أبي العاص الثقفي مثل ذلك (¬٥).
وقال أبو الدرداء: من صام تطوعًا في السفر كان بينه وبين النار خندقٌ أبعد من ما بين السماء والأرض. وكان ابن عمر يصوم في السفر (¬٦). ومن صام في السفر من الصحابة والتابعين من لا يدركه الإحصاء.
---------------
(¬١) رواه ابن حبان، الإحسان برقم ٣٥٤، باب ما جاء في الطاعات وثوابها، ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من قبول ما رخص له، والطبراني في الكبير برقم ١٠٠٣٠ و ١١٨٨٠ و ١١٨٨١، عن ابن عباس، وابن حبان، الإحسان برقم ٣٥٦٨، باب: صوم المسافر، ذكر الخبر الدال على أن الإفطار في السفر أفضل من الصوم، والبيهقي في الكنرى برقم ٥٤٨١ و ٥٤٨٣، كتاب: الصلاة، باب: كراهية ترك التقصير والمسح على الخفين، عن ابن عمر، وابن أبي شيبة في مواضع منها في مصنفه برقم ٢٧٠٠١، كتاب: الأدب، في الأخذ بالرخص، عن ابن مسعود.
(¬٢) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ٩٠٦٨ و ٩٠٧٣، كتاب: الصيام، من كان يصوم في السفر ويقول: هو أفضل، وانظر: ابن جرير (٢/ ١٥٨).
(¬٣) ساقطة من الأصل، ومستدركة من المصادر.
(¬٤) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه برقم ٩٠٦٧، الموضع السابق، وابن جرير (٩/ ١٥٢).
(¬٥) رواه ابن أبي شيبة ٩٠٧٦، الموضع السابق، وابن جرير (٢/ ١٥٩).
(¬٦) لم أقف عليه، والمشهور المروي أن ابن عمر كان لا يصوم في السفر، انظر الموطأ برقم ٨١٠، كتاب: الصيام، ما جاء في الصيام في السفر، وابن جرير (٢/ ١٦٠).

الصفحة 117