كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

ثم عائشة -رضي اللَّه عنها- تقول: نحر عن نسائه بقرة بقرة، عن تسعة أزواجه في حجة الوداع، وهذا لم يكن هَدْي يوم، ولا عن واجب.
فإن قيل: إن الهدي كان عليهم، لأنهم حُصروا قبل الهدي، قد كان أوجب بالإشعار والتقليد من قبل أن يحصروا، ثم لم يذكر أحد من الناس في حديث أنهم استأنفوا هديًا بعد الحصر، بل كل من رَوى يذكر سياق الهدي من موضع الإحرام.
وفي حديث الزهري، عن عروة، عن المسور، في قصة الحديبية، أن الهدي عليه قلائده، قد أكِل وَبَرُه (¬١) من طول الحبس (¬٢).
وقد حضر ابن عمر الحديبية، ورُوِي عنه بالأسانيد التي لا تقاس بها الروايات عن جابر: لا يُشترَك في شيء من الهدي، وإنما ذلك لعِلْمِه أن الاشتراك كان في اللحم دون الذكاة.
وعلى أن حديث يونس، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: نحر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عن نسائه بقرة في حجة الوداع، غلط من يونس، لأن يحيى بن سعيد رواه عن عَمْرَة، وعبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة (¬٣)، ومالك، وحماد عن عبد الرحمن قال: ذبح عن نسائه البقر، وكان ذلك في حجة الوداع.
وهذه أسانيد الفقهاء الذين يعلمون ما تحتاج إليه، ويميزون ما يسمعون.
---------------
(¬١) وَبَرَه: صوفه، والوبر: صوف الإبل والأرانب ونحوها، اللسان (١٥/ ١٤٢).
(¬٢) هو حديث صلح الحديبية الطويل، وقد سبق تخريجه، إلا أن أكل الوبر من طول الحبس، لم يرد إلا في رواية للإمام أحمد برقم ١٨٩١٠ لكن بلفظ: "قد أكل أوتاره من طول الحبس عن محله"، ورواه ابن إسحاق في السيرة برقم ٤٥٧، في حديثه عن: أمر الحديبية آخر سنة ست. . .، بلفظ: "قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله".
(¬٣) أخرجه الإمام أحمد برقم ٢٦٣٤ ومسلم (٤/ ٣٠)، كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام.

الصفحة 169