كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

الهدي من المدينة، في زمن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا بعده، وهذا لو كان، لكان أمرًا مشهودًا، لبعده من قلوب الناس، ولولا أن ثقات الكوفيين يدلسون، فيمسكون عن ذكر من لو ذكر في الخبر لبطل، لكان هذا الحديث في القلب منه شك، ولكن لا شك في بطلانه.
قال عبد الرحمن بن مهدي مثله من أجل التدليس: لا تشاء أن ترى في حديث أهل الكوفة جيد الإسناد لا أصل له إلا وجدته.
٢٣ - نا الفريابي (¬١)، قال: نا نصر بن علي، قال: نا الأصمعي، قال: قال سفيان بن عيينة: إذا أردت ما لا يُعرَف حقه من باطله، فعليك بأهل العراق.
وقال ابن المبارك: أفسد التدليس حديث أهل الكوفة.
قال القاضي: ومما يذهب على مخالفنا ممن يجيز الشرك في الدم، وخفي عليه وضل عن علمه، قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وقد سئل: ما أفضل الحج؟ فقال: "العَجُّ، والثَّجُّ" (¬٢)، والعجُّ: التلبية إجابةً للَّه إلى ما دعا إليه، والثجُّ: إراقةُ الدماء. وفي هذا دليل واضح أن المتقرَّبَ إلى اللَّه به: إراقة الدماء لا اللحم الذي يُقسم، واللَّه أعلم.
* * *
---------------
(¬١) في الأصل: الفاريابي.
(¬٢) رواه الترمذي برقم ٨٢٧، أبواب: الحج، باب: ما جاء في فضل التلبية والنحر، وابن ماجة برقم ٢٩٢ أبواب: المناسك، باب: رفع الصوت بالتلبية، عن أبي بكر الصديق، وجزء من حديث رواه الترمذي برقم ٢٩٩٨ أبواب تفسير القرآن، باب: ومن سورة آل عمران، وابن ماجة برقم ٢٨٩٦، أبواب: المناسك، باب: ما يوجب الحج، عن ابن عمر رضي اللَّه عنه.

الصفحة 174