كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

واختلفوا أيضًا في السبعة، فقال بعضهم: يصومها بمكة.
وقال آخرون: يصومها في بلده (¬١).
قال القاضي في ذلك: فوجدنا قول من يقول: يصوم في العشر، ومن أباحه في شوال وذي القعدة، يدور في ذلك على أن يقع الصوم بعد أن يهل بالحج، لأن اللَّه عز وجل قال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، فإذا اعتمر في أشهر الحج، فليس يتمتع حتى يُهِلّ بالحج، لأنه قد يعتمر في أشهر الحج ثم لا يحج، فإن أهَلَّ بالحج صار حينئذ متمتعا، وجاء موضع الهدي أو الصيام إن لم يجد هديًا، ولا يبالي حينئذ أن يقع صومه في ذي الحجة، أو في ذي القعدة، أو في شوال، لأنه قد أهلَّ بالحج بعد أن اعتمر في أشهر الحج، فوضَع صومَه في الحج إذ قد كان أحرم به.
فإن لم يصم حتى يمضيَ يوم عرفة، فقد ذكرنا ما روي عن عائشة (¬٢)، وابن عمر (¬٣)، وبعض التابعين، أنه يصوم التشريق (¬٤)، وهو قول مالك (¬٥).
وإنما أرخص هؤلاء في صيام أيام التشريق، لأنها بقية من الحج، فلما لم يجد الهدي، وكانت من أيام الحج، أمرناه بصومها.
---------------
= عائشة وابن عمر قالا: "لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن، إلا لمن لم يجد الهدي".
(¬١) رواه ابن أبي حاتم في تفسير الآية برقم ١٨٠٤ عن ابن عمر، وقال: "وروى سعيد بن جبير، وأبو العالية، ومجاهد، وعطاء، وعكرمة، والحسن، والزهري، وقتادة، والربيع بن أنس نحو ذلك".
(¬٢) رواه ابن جرير في تفسيره (٢/ ٢٥٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٣٤٢).
(¬٣) رواه ابن جرير في تفسيره (٢/ ٢٥٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٣٤٣).
(¬٤) روي عن عكرمة، والحسن، وعبيد بن عمير، انظر ابن جرير (٢/ ٢٥٩)، وابن أبي حاتم، الموضع السابق.
(¬٥) المدونة (١/ ٤١٥).

الصفحة 176