كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

وفي تفسير الآية من أحكام القرآن نجد القاضي يقول: "قال الحسن بن علي رضي اللَّه عليه وعلى أبيه: إذا أصبت خيرًا أو عملت خيرًا فحدث إخوان ثقتك. . . وقال أبو رجاء العُطارِدي: لقد رزق اللَّه البارحة خيرًا، صلَّيت كذا، وسبَّحت كذا، قال أبو أيوب: فاحتملت ذلك لأبي رجاء، وقال نصر بن علي الأكبر: قال عبد اللَّه بن غالب، إذا أصبح يقول: صليت البارحة كذا، وسبَّحت كذا، وقرأت كذا، فيقال له: يا أبا قريش، مثلُك لا يقول هذا-، فيقول: يقول اللَّه عز وجل: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}، وتقولون: لا تحدث بنعمة اللَّه. . . ".
وهذا هو عين ما رواه أبو محمد مختصرًا، ومما يستفاد منه أيضًا ثبوت رواية محمد بن إبراهيم الطليطلي لكتاب "الأحكام"، وقد نبهت عليه في موضعه آنفًا.
ومنه ما ذكره القاضي عياض في "إكمال المُعْلِم" عن قصة طلاق زيد لأم المؤمنين زينب بنت جحش، وزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بها، قال: ". . . وأصح ما في هذا ما حُكي عن علي بن حسين أن اللَّه تعالى أعلم نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بكونها له زوجًا، فلما شكاها زيد قال له: أمسك، وأخفى في نفسه ما أعلمه اللَّه به مما اللَّه مبديه بطلاق زيد لها وتزويج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعدُ لها، ونحوه عن الزهري وغيره، والذي خشيه إرجافُ المنافقين بأنه نهى عن تزويج نساء الأبناء وتزوج زوجة ابنه. . . وإلى ما قلناه نحا القاضي بكر بن العلاء القشيري وغيره من المحققين، وأنكروا سواه" (¬١).
ومصداق هذه الحكاية عن القاضي بكر ثابت في أحكامه حيث يقول: ". . . لأن اللَّه سبحانه قد كان أعلمه أن زيدًا سيطلقها، وأنه يزوجها إياه، فكان يخفي ما أوحى اللَّه إليه من ذلك. . . ".
_________
(¬١) إكمال المعلم (١/ ٥٣١).

الصفحة 34