كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

الآية وما توجبه اللغة فيها، ومع ذلك فإن الذبح والنحر عند المروة لقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا المنحر" (¬١)، فاحتيج أن يجعل آخر السعي المروة، ووجدنا في الحج أفعالًا من النحر والحلق وما أشبهه، وإن قدم بعضه على بعض فجاز ذلك، وإن كان فعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مخالفًا لمن قيل له: افعل ولا حرج، قال اللَّه سبحانه: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، وأجمعوا أنه من طاف ثم رمى وحلق أنه جائز، وقال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦]، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لمن قال: حلقت قبل أن أذبح، قال: "اذبح ولا حرج" (¬٢). وقال اللَّه تبارك وتعالى للقاتل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢]، وأجمعوا أن الدية إن قدمت جاز، وقال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، ولا اختلاف أنه إن قدم العمرة وهو ضرورة أجزأه، والعمرة عند الشافعي فرض، وكانوا قد اتفقوا على أمر الصفا والمروة، فصار مخصوصًا بأن نبدأ بالصفا، إذ كان الطواف والسعي من شرع إبراهيم -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان النحر عند المروة لم يجز أن نبدأ إلا بالصفا، لأن التمام يقع عند المروة.
* * *
---------------
(¬١) تقدم.
(¬٢) متفق عليه، رواه البخاري في مواضع منها برقم ٨٣، كتاب: العلم، باب: الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها، ومسلم (٤/ ٨٣)، كتاب: الحج، باب: من حلق قبل النحر.

الصفحة 467