كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

٤١ - ٤٨ - قال اللَّه تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ} إلى قوله عز من قائل: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ}
[الحكم بين أهل الذمة]
الظاهر واللَّه أعلم في قوله تبارك وتعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} إنما هو عطف على الكلام الذي قبله، لأنه لا يقال: "وأن افعل" ابتداءً بالكلام، وإنما هو على ما مضى من الكلام قبلَه.
وقد اختلف التابعون في تفسير ذلك، فقال جماعة منهم: إن قوله سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ناسخ لقوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢].
وقال جماعة منهم: إن قوله عز من قائل: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} غير منسوخة، وأن الأخرى وهي قوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} عطف على الأولى، فإذا اختار أن يحكم حكم بما في كتابنا، وهو ما أنزل اللَّه على نبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يحدث بينهم سوى ما نزلت الآيات فيه، فإن ذلك كان حكمه

الصفحة 480