كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

أن نُقِرَّهم على أنهم {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}، فقد أقررناهم على الذي بينهم، لا مدخل لنا في ذلك، ولما أخذنا منهم الجزية رجب علينا أن نمنع منهم، فإن غصبهم غاصب، أو سرقهم سارق، أو قتلهم قاتل، رجب على الحاكم أن ينظر في ذلك بينهم وبين خصمهم، كان منا أو منهم، لأن علينا أن نكف بعضهم عن بعض في أنفسهم وأموالهم، للوفاء بعهدهم.
وإذا كانت المعاملات في الأموال بينهم وبين المسلمين، رجب على الحاكم أن ينظر بينهم، لأن المسلم لا يتولى (¬١) الحكم عليه إلا مسلم، وإن كان الذي عامله ذميًا (¬٢) لم يحكم الحاكم بينهما إلا أن يتراضيا بحكمه، لأنا أخذنا منهم الجزية وتركناهم ودينهم، إذ أقرهم اللَّه على أن {وَلَا (¬٣) يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}، وإن حكمنا عليهم بأحكامنا كان نقضًا للعهد بيننا وبينهم، لأنا إذا فعلنا ذلك ألزمناهم أن يحرموا ما حرم اللَّه ورسوله، ولو جاز لنا ذلك لأخذناهم بالإسلام الذي هو الأصل، فإذا حَكَّمونا فلنا أن نَحْكُم ولنا أن نُعْرِض، وإن حكمنا كان الحكم بالكتاب والسنة، ولم يكن ذلك بعد التراضي بنا نقضًا للعهد، وإنما الحاكم في هذه المنزلة رجل حَكَّمه رجلان، فإن شاء حكم، وإن شاء ترك.
كتب محمد بن أبي بكر إلى علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنهما- يسأله عن زنادقة النصارى، وعن مسلم زنا بنصرانية، فكتب إليه: أما زنادقة النصارى فيتركون
---------------
(¬١) في الأصل: يتول.
(¬٢) في الأصل بين قوله: ذميًا - ولم، بخط آخر: ثم، وفي الهامش كلمة ينظر، دون إشارة إلى تخريجه، فوقها صح.
(¬٣) في الأصل: لا.

الصفحة 485