كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

وأهل دينهم، وأما المسلم الذي زنا بنصرانية فيقام عليه الحد، وتترك هي وأهل دينها (¬١).
وقد اختلفت الروايات والتفاسير في قول اللَّه عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، و {الظَّالِمُونَ} و {الْفَاسِقُونَ}، فقال بعضهم: إنها في اليهود لما غيَّروا من كتاب اللَّه، وعدلوا عن أحكامه (¬٢).
وقال بعضهم: هي فينا وفيهم (¬٣).
وقد نص اللَّه في ذلك في أمر اليهود وأنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، فخالفوا ما كتب عليهم في التوراة، فقال عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}، فكان ظاهر ذلك يدل على أنه من فعل فعلَهم، واخترع حكمًا خالف به حكم اللَّه، وجعله دينًا يعمل به فقد لزمه ما لزمهم، حاكمًا كان أو غير حاكم.
وقد روى عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي قال: شرب نفر من أهل الشام الخمر وعليهم يزيد بن أبي سفيان، وقالوا: هي لنا حلال، وتأولوا هذه الآية: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا [وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ] (¬٤) جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: ٩٣] الآية، فكتب فيهم (¬٥) إلى عمر رحمه اللَّه فاستشار فيهم الناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، نرى أنهم كذبوا على اللَّه، وشرعوا في دينه ما لم يأذن به، فاضرب أعناقهم، وعلي رحمه اللَّه ساكت، فقال: ما تقول يا أبا الحسن؟
---------------
(¬١) رواه عبد الرزاق في مصنفه برقم ١٣٤١٦ و ١٥٦٦٨، وفيه: ". . . يسأله عن مسلمين تزندقا. . . ".
(¬٢) انظر تفسير ابن جرير (٤/ ٥٩٢ - ٥٩٤)، وتفسير ابن أبي حاتم (٤/ ١١٤٨).
(¬٣) انظر المصادر نفسها.
(¬٤) ساقطة من الأصل.
(¬٥) في الأصل: إليهم.

الصفحة 486