كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد للَّه تعالى، أشكره شكرًا يتوالى، وأصلي وأسلم سيدنا محمد إمام الأصفياء، وعلى آله الأنقياء الأتقياء، وصحابته الرحماء الأقوياء.
أما بعد، فلم يعد خافيًا عن أنظار الدارسين، ما تميز به الأئمة المالكيون، ولا سيما المتقدمون، من رسوخ القدم ورحابة الباع في تحرير المسائل، وإقامة البراهين والدلائل، وقد ضَرَب حُذّاق أهل العراق من ذلك بالحظ الموفور، وأقاموا للاستدلال والتأصيل لمسائل المذهب تجارة لن تبور، وبتوالي بروز مصنفاتهم إلى عالم المطبوعات، ترسخت هذه الحقيقة، وزَهَقَت التهمة الشهيرة، والفِرية الخطيرة، بأن الفقه المالكي لم يُشَيَّد على أساس، وأن أحكامه لم تصدر عن النص أو معتبَر القياس، وأضحى من يردد هذا الكلام بإطلاق نائيًا عن العدل والإنصاف، حليفَ الجور والاعتساف.
ويعتبر الكتاب الذي بين يديك، من أوضح تلك الدلائل وأجلاها، وقد حاز عددًا من المزايا والمحاسن الناطقة بقدره وجليل منزلته بين مصنفات المذهب، فموضوعه تفسير آيات الأحكام، وهو ضرب من ضروب العناية بالدليل في باب الدراسة الفقهية، كما يعد الكتاب أقدم كتب أحكام القرآن التي وصلتنا تامة إلى حدود كتابة هذه الأسطر، حيث لم يصلنا من أحكام القاضي إسماعيل ابن إسحاق (٢٨٢ هـ) سوى ورقات معدودة، طبعت في مجلد لا يبلغ نصف عُشر الكتاب، بل لم يصلنا من مصنفات غير المالكية في هذا الباب قبله، سوى طرف من كتاب أبي جعفر الطحاوي الحنفي (٣٢١ هـ)، وقد طبع في مجلدين.

الصفحة 5