كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

[سبب النزول]
قال ابن عباس -رضي اللَّه عنه-: سبب نزول الآية أن المشركين قالوا للمسلمين لما حرمت الميتة: لا تأكلون (¬١) ما ذبح للَّه، وتأكلون ما ذبحوا هم، فأنزل اللَّه عز وجل: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (¬٢)، يريد الميتة، لأن اليهود قالت: تأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون (¬٣) ما قتل اللَّه.
وأما قوله عز وجل: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ}، يريد أن قولهم لكم في ذلك فسق.
والذابح منا إذا نسي التسمية فقد قصد الذكاة بالذبح، فقصده بالملة للذكاة تسمية بقلبه.
قال جماعة من المفسرين: اسم اللَّه عز وجل في قلبه، ألا ترى أن المجوسي لو سمى على ذبيحته لم تؤكل، مع قوله عز وجل: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨] فعلم أن ذلك مردود إلى الملة، كذلك قال علي، وابن عباس، وخلق من التابعين، وقالوا: أحلت ذبيحة اليهود لأنهم آمنوا بالتوراة، والنصارى (¬٤) لأنهم آمنوا بالإنجيل، فإذا كان الذبح بالملل فأهل الإسلام أولى بذلك، واللَّه أعلم.
وما ذبح أهل الكتاب لكنائسهم وكفرهم فقد اختلف الناس فيه، فقال قوم: يؤكل بإحلال اللَّه عز وجل ذلك.
وقال آخرون: لا يؤكل لأنه أهل لغير اللَّه.
---------------
(¬١) في الأصل: تأكلوا.
(¬٢) رواه ابن جرير في تفسيره (٥/ ٣٢٦) وفيه: . . . وما قتلتم أنتم تأكلونه.
(¬٣) في الأصل: تأكلوا.
(¬٤) في الأصل: الأنصار.

الصفحة 532