كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

٣٧ - وقد حدثنا إبراهيم بن فهد، وأخبرنا إسماعيل بن إسحاق، قالا: حدثنا عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى المازني، عن معاذ بن رِفاعة الزُّرَقي، أن رجلًا من بني سلمة يقال له سليم أتى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، إنا نَظلُّ في أعمالنا فنأتي حين نُمسي، فيأتي معاذٌ فينادي بالصلاة، فنأتيه فيطوِّل علينا، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معاذ لا تكن فتانًا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفِّف عن قومك"، ثم قال: "يا سليم ما معك من القرآن؟ " قال: معي أني أسأل اللَّه الجنة وأعوذ به من النار، واللَّه ما أُحسِن دَندنتك ولا دندنة معاذ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هل تصير دندنتي ودندنة معاذ إلا أن نسألَ اللَّه الجنة ونعوذَ به من النار؟ " ولكن سترون هذا غدًا إذا التقى القوم (¬١)، -وكانوا يُجهِّزون لأُحد- فخرج سليم فاستشهد (¬٢).
فكان قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إما أن تصلّيَ معي" -وهو يعلم أنه يصلي معه- يريد صلاة الفرض، حتى آمُرَ غيرَك يصلي بالقوم، أو تُخفف بقومك وتتنفل معي، لأن المتنفِّلَ الصلاةِ تجوز خلف المفترض (¬٣)، ألا ترى أنا أجمعنا على أن من دخل المسجد وقد صلى في بيته أنه يصلّي مع الناس، وصلاته تطوع (¬٤)، ولم نر فريضة أجاز الأئمة كونها خلف المتنفِّل، إلا ما ادعاه الشافعي بغير حُجّة ولا أثر بيِّن.
وهذا الحديث يدل على أن ذلك كان في أول الهجرة، ومن يحفظ القرآن قليل. وقد روى أبو هريرة، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، فأما أبو هريرة
---------------
(¬١) قوله: ولكن. . . يفيد أنه من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفي مصدر التخريج: ثم قال سليم: سَتَرَوْن غدًا. . .
(¬٢) رواه الإمام أحمد -رضي اللَّه عنه- في مسنده برقم ٢٠٦٩٩.
(¬٣) كذا في الأصلى، والمعنى: أن التنفل بالصلاة يجوز خلف الإمام المفترض.
(¬٤) في الأصل: تطوعا.

الصفحة 564