كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

فإسلامه بعد أُحُد بسنين، وأما ابن عمر وأبو سعيد وجابر فكلهم يوم أُحُد غير بالغ، وعائشة -رضي اللَّه عنها- رَوَت، وكانت يوم أُحُد لعشر سنين أو لإحدى عشرة سنة، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بضعًا (¬١) وعشرين درجة" (¬٢).
فتبين بهذا وبما قدمنا ذكره، أن الإمام والمأموم شُركاء في الصلاة، وليس يجوز الاشتراك إلا فيما تستوي فيه النيات، لأن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَتُسَوُّنَّ صفوفكم، أو لَيُخالفَنّ اللَّهُ بين وُجوهكم" (¬٣)، أفتراه صلى اللَّه عليه يأمرهم بهذا في الصفوف التي لو اختلفت لكانت الصلاةُ تامة عند الأمة إذا كانوا يأتمون بإمامهم، ويُبيحهم اختلاف النيات، فيكون الإمام يصلي صلاة والمأموم يصلي غيرها، هذا ما لا يظنه ذو عقل ورَوِيَّة.
وقد عَيَّر اللَّه قومًا في غير الصلاة فقال: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [الحشر: ١٤]، والصلاةُ من أجَلِّ الفرائض، وقد فُضِّل الاجتماع فيها، أفيجوز ذلك على أن قلوبهم مختلفة؟ فأيُّ اجتماع هذا؟ !
---------------
(¬١) في الأصل: بضع.
(¬٢) حديث أبي هريرة متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه برقم ٦٤٧، كتاب: الأذان، باب: فضل صلاة الجماعة، ومسلم في صحيحه في مواطن منها: (٢/ ١٢٨) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل صلاة الجماعة وانتظار الصلاة، وكذلك حديث ابن عمر، رواه البخاري في صحيحه برقم ٦٤٥، الموضع السابق، ومسلم في صحيحه (٢/ ١٢٢)، كتاب: المساجد، باب: فضل صلاة الجماعة والتشديد في التخلف عنها، وأما حديث أبي سعيد فرواه البخاري في صحيحه برقم ٦٤٦ في الموضع السابق، وأما حديث عائشة فرواه الإمام أحمد في مسنده برقم ٢٤٢٢١، والنسائي في سننه برقم ٨٣٩، كتاب: الإمامة، فضل الجماعة.
(¬٣) متفق عليه من حديث النعمان بن بشير -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري في صحيحه برقم ٧١٧، كتاب: الأذان، باب: تسوية الصفوف عند الإقامة وبعدها، ومسلم في صحيحه (٢/ ٣١)، كتاب: الصلاة، باب: تسوية الصفوف وإقامتها.

الصفحة 565