كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

٧٣ - قال اللَّه تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
قال أبو مالك، قال: قال رجل: نورث أرحامنا من المشركين، فنزلت: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (¬١).
وهذا في المواريث جعلها أبو مالك، ويدخل في هذا المعنى: الموالاة والمعاقدة، فمن والى قومًا ودخل في جملتهم فهو منهم، وإن كان الكفر كلُّه عندنا ملة واحدة، كلهم كافر، فكفرهم يفترق على ضروب: فالنصارى جنس، وهم كفرة ومن تولاهم، فمن لم يلزمه اسم الإيمان فهو منهم، وكذلك اليهود، وكذلك المجوس والصابئون كلهم كافر، وكلٌّ له مذهب في كفره.
وأما قول اللَّه عز وجل: {وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: ١٧]، فهم العرب الذين لا يقبل منهم الجزية، ليس فيهم غير القتل أو الإسلام، إلا من دخل منهم في المِلَل المأمور بأخذ الجزية منها قبل البعث، فأولئك منهم وحكمهم كحكمهم، لأنه قد كان في ربيعة النصرانية، وكان في اليمن اليهودية، وكان في تميم المجوسية في طائفة منهم، لاختلاطهم بالأكاسرة، وكانت قريش وكنانة وقيس وعيلان ومن جاورهم عبدة أوثان، فمن بُعث النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو من قوم فهو منهم، تؤخذ منهم الجزية كما تؤخذ منهم، ذلك الأمر عندنا، واللَّه أعلم (¬٢).
---------------
(¬١) رواه ابن جرير في تفسيره (٦/ ٢٩٧)، ورَوى عن ابن عباس قولَه: نزلت في مواريث مشركي أهل العهد، الموضع السابق.
(¬٢) بعد هذا كتب ناسخ الأصل: تم الجزء الأول من مختصر أحكام القرآن، من كتاب =

الصفحة 584