كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

ثم فرَضَها في الصلاة فلا تجوز الصلاة إلا بها، وقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِداج" (¬١)، والخِداج عند أهل اللسان (¬٢): الناقص، فقد يحتمل أن يكون نقصًا يبطل الصلاة، ويحتمل ألا يُبْطِلَها، فأتى البيان عنه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذ كانت قراءتها من فرائض الصلاة بأن قال: "من لم يقرأها فلا صلاة له" (¬٣)، فجاء البيان شافيًا.
وذلك خِطاب للمنفرد، فأما المأموم فغير مخاطب بذلك، بل خاطبه اللَّه تعالى بالاستماع لقراءة الإمام والإنصات له، وقال (¬٤) النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وإذا قرأ الإمام فأنصتوا" (¬٥)، وأمَرَهم -صلى اللَّه عليه وسلم- بما ينوب عن قراءتهم فقال: "قولوا آمين، فإن من
---------------
(¬١) جزء من حديث رواه مالك في الموطأ رواية يحيى، برقم ٢٢٤، كتاب الصلاة، القراءة خلف الإمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، ومسلم (٩١٢)، كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(¬٢) في هامش الأصل: اللغة.
(¬٣) متفق عليه من حديث عُبادة بن الصامت -رضي اللَّه عنه-، رواه البخاري برقم ٧٥٦، كتاب الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم، ومسلم (٢/ ٨ - ٩)، كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب".
(¬٤) في الأصل: وقال، ولا موجب للواو.
(¬٥) رواه بهذا اللفظ أحمد، برقم ١٩٧٢٣، وابن ماجه برقم ٨٤٧، أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها، باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا، ورواه بلفظ: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به. . . وإذا قرأ فأنصتوا. . . "، وأبو داود برقم ٦٠٤، كتاب الصلاة، باب: الإمام يصلي من قعود، والنسائي برقم ٩٢١ و ٩٢٢، كتاب الافتتاح، تأويل قوله عز وجل: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وضعف أبو داود لفظة: "وإذا قرأ فأنصتوا" عقب روايتها، لكن مسلمًا صححها في صحيحه (٢/ ١٥)، كتاب الصلاة، باب: التشهد في الصلاة.

الصفحة 71