كتاب أحكام القرآن لبكر بن العلاء - ط جائزة دبي (اسم الجزء: 1)

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرواح الشهداء تَسْرح في الجنة في حواصل طير خضر" (¬١) اشترى منهم أنفسهم بالجنة.
وقال تبارك وتعالى في الساحر: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} [البقرة: ١٠٢]، وإنما باعوا أنفسهم للقتل بالسحر الذي فعلوه، وقال في قصة يوسف عليه السلام: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ} [يوسف: ٢٠]، وإنما باعوه بثمن بخس.
فقد أخبرنا اللَّه عز وجل أن السحر يوجب القتل وإن لم يقتل بسحره، لأن الذي يوجبُ له الاسمَ الفعلُ، ألا تراه قال: {سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ} [الأعراف: ١١٦]، وكذلك قال في المحارب: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. . .} [المائدة: ٣٣] إلى آخر الآية، وذلك فيمن فعل ذلك قبل أن يَقْتُلَ أو يأخذ المال، فإذا فعل ذلك فهو الذي لا يجوز عنه العفو بالتوبة قبل القدرة، إذ القصاص لا بدَّ منه.
قال القاضي -رضي اللَّه عنه-: ونحن نتكلم في هذه الآية في موضعها بما يوفق اللَّه له.
١ - أخبرنا إسماعيل بن إسحاق، قال: أخبرنا إبراهيم بن حمزة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر -رضي اللَّه عنه-، أن جارية لحفصة سحرت حفصة، فوجدوا سحرها، واعترفت على
---------------
(¬١) رواه مسلم: (٦/ ٣٨ - ٣٩)، كتاب الإمارة، باب: في بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، والترمذي برقم ٣٠١١، أبواب التفسير، باب: ومن سورة آل عمران، عن عبد اللَّه بن مسعود أنه سئل عن قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، فقال: أمَا إنا قد سألنا عن ذلك، فأُخبرنا أن أرواحهم في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. . . ".

الصفحة 80