كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 1)

كالمتحزن على فراقه وجرى على ذلك ابن المقري
ويقول عند خروجه من مكة الله أكبر ثلاثا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون عابدون ساجدون لربنا حامدون و صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده
( و ) تسن ( زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لقوله صلى الله عليه وسلم من زار قبري وجبت له شفاعتي رواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ومفهومه أنها جائزة لغير زائره
ولقوله صلى الله عليه وسلم من جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا على الله تعالى أن أكون له شفيعا يوم القيامة رواه ابن السكن في سننه الصحاح المأثورة
وروى البخاري من صلى علي عند قبري وكل الله به ملكا يبلغني وكفي أمر دنياه وآخرته وكنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة
فزيارة قبره صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات ولو لغير حاج ومعتمر فقوله ( بعد فراغ الحج ) كما قاله الشافعي والأصحاب ليس المراد اختصاص طلب الزيارة بهذه الحالة فإنها مندوبة مطلقا كما مر بعد حج أو عمرة قبلهما أولا مع نسك بل المراد تأكد الزيارة فيها لأمرين أحدهما أن الغالب على الحجيج الورود من آفاق بعيدة فإذا قربوا من المدينة يقبح تركهم الزيارة والثاني لحديث من حج ولم يزرني فقد جفاني رواه ابن عدي في الكامل وغيره وهذا يدل على أنه يتأكد للحاج أكثر من غيره
وحكم المعتمر حكم الحاج في تأكد ذلك وإن لم تشمله عبارة المصنف
وفي الحديث لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا فتسن زيارة بيت المقدس وزيارة الخليل صلى الله عليه وسلم ولا تعلق لهما بالحج
ويسن لمن قصد المدينة الشريفة لزيارة قبره صلى الله عليه وسلم أن يكثر في طريقه من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ويزيد فيهما إذا أبصر أشجارها مثلا ويسأل الله تعالى أن ينفعه بهذه الزيارة ويتقبلها منه وأن يغتسل قبل دخوله كما تقدم ويلبس أنظف وأحسن ثيابه فإذا دخل المسجد قصد الروضة وهي ما بين القبر والمنبر وصلى تحية المسجد بجنب المنبر وشكر الله تعالى بعد فراغهما على هذه النعمة
ثم يأتي القبر الشريف فيستقبل رأسه ويستدبر القبلة ويبعد عنه نحو أربعة أذرع ويقف ناظرا إلى أسفل ما يستقبل في مقام الهيبة والإجلال فارغ القلب من علائق الدنيا ويسلم عليه صلى الله عليه وسلم لخبر ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام رواه أبو داود بإسناد صحيح
وأقل السلام عليه السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليك وسلم ولا يرفع صوته تأدبا معه صلى الله عليه وسلم كأنه في حياته
ثم يتأخر إلى صوب يمينه قدر ذراع فيسلم على أبي بكر رضي الله عنه فإن رأسه عند منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتأخر قدر ذراع آخر فيسلم على عمر رضي الله تعالى عنه لما روى البيهقي أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما كان إذا قدم من سفره دخل المسجد ثم أتى القبر الشريف فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه ثم يرجع إلى موقفه الأول قبالة وجهه صلى الله عليه وسلم ويتوسل به في حق نفسه
ويستشفع به إلى ربه لما روى الحاكم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد صلى الله عليه وسلم إلا ما غفرت لي فقال الله تعالى وكيف عرفت محمدا ولم أخلقه قال يا رب لأنك لما خلقتني ونفخت في من روحك رفعت رأسي فرأيت في قوائم العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى نفسك إلا أحب الخلق إليك
فقال الله تعالى صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إلي إذ سألتني به فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك قال الحاكم هذا صحيح الإسناد
ومن أحسن ما يقوله الزائر بعد ذلك يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم روحي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم أنت الحبيب الذي ترجى شفاعته يوم الحساب إذا ما زلت القدم ثم يستقبل القبلة ويدعو لنفسه ولمن شاء من المسلمين
ويسن أن يأتي سائر المشاهد بالمدينة وهي نحو ثلاثين
____________________

الصفحة 512