كتاب مغني المحتاج - الفكر (اسم الجزء: 1)

إذا لم يشرط التحلل به ( فإن شرطه ) بالمرض ونحوه في إحرامه أي أنه يتحلل إذا مرض مثلا ( تحلل ) جوازا ( به ) أي بسبب المرض ونحوه ( على المشهور ) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بضم الضاد المعجمة وبالباء الموحدة بنت الزبير فقال لها أردت الحج فقالت والله ما أجدني إلا وجعة فقال حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني ويقاس بما فيه غيره
والثاني لا يجوز لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر فلا يجوز بالشرط كالصلاة المفروضة
ومن قال بهذا أجاب عن الحديث بأن المراد بالحبس الموت أو خاص بضباعة
ثم إنه اشترط التحلل بالهدي لزمه أو بلا هدي لم يلزمه وكذا إن أطلق لعدم الشرط ولظاهر خبر ضباعة فالتحلل يكون في هاتين الحالتين بالنية والحلق أو نحوه فقط
ولو قال إن مرضت أو نحو ذلك من الأعذار فأنا حلال فوجد العذر صار حلالا به من غير نية وعلى ذلك حمل خبر أبي داود وغيره بإسناد صحيح من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل
وإن شرط قلب الحج عمرة بذلك جاز كما لو شرط التحلل به بل أولى فله إذا وجد العذر أن يقلب حجه عمرة وتجزئه عن عمرة الإسلام
ولو شرط أن ينقلب حجه عمرة عند العذر فوجد العذر انقلب عمرة وأجزأته عن عمرة الإسلام أيضا كما صرح به البلقيني بخلاف التحلل بالإحصار لا تجزئه عن عمرة الإسلام لأنها في الحقيقة ليست عمرة وإنما هي أعمال عمرة
( ومن تحلل ) أي أراد التحلل لأن الذبح يكون قبل التحلل كما سيأتي أي الخروج من النسك بإحصار
( ذبح ) حتما للآية السابقة ( شاة ) أو ما يقوم مقامها من بدنة أو بقرة أو سبع أحدهما
( حيث أحصر ) في حل أوحرم
ولا يسقط عنه الدم إذا شرط عند الإحرام أنه يتحلل إذا أحصر بخلاف ما سبق في المرض لأن حصر العدو لا يفتقر إلى شرط فالشرط فيه لاغ
ولا يجوز الذبح بموضع من الحل غير الذي أحصر فيه كما ذكره في المجموع لأنه صلى الله عليه وسلم ذبح هو وأصحابه بالحديبية وهو من الحل
وكذلك يذبح هناك ما لزمه من دماء المحظورات قبل الإحصار وما معه من هدي التطوع وله ذبحه عن إحصاره وتفرقة اللحم على مساكين ذلك الموضع
وظاهر إطلاق المصنف جواز الذبح في موضعه من الحل إذا أحصر فيه ولو تمكن من بعض الحرم وهو الأصح كما في أصل الروضة وإن صحح البلقيني خلافه
تنبيه يفهم من قوله حيث أحصر أنه لو أحصر في الحل وأراد أن يذبح بموضع آخر لم يجز وهو كذلك كما مر عن المجموع لأن موضع الإحصار قد صار في حقه كنفس الحرم وهو نظير منع المتنفل إلى غير القبلة من التحول إلى جهة أخرى واتفقوا على جواز إيصاله الحرم لكنه لا يتحلل حتى يعلم بنحره ولو أحصر في الحرم جاز له نقله إلى موضع آخر منه وإن أفهمت عبارته خلافه
( قلت ) كالرافعي في الشرح ( إنما يحصل التحلل بالذبح ) لقوله تعالى { ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله }
( ونية التحلل ) المقارنة له لأن الذبح قد يكون للتحلل وقد يكون لغيره فلا بد من قصد صارف وكيفيتها أن ينوي خروجه عن الإحرام
( وكذا الحلق ) أو نحوه ( إن جعلناه نسكا ) وسبق أنه القول المشهور
ولا بد من مقارنة النية له كما في الذبح ويشترط تأخره عن الذبح كما صرح به الماوردي وغيره للآية السابقة
( فإن فقد ) بالبناء للفاعل أو المفعول ( الدم ) حسا كأن لم يجد ثمنه أو شرعا كأن احتاج إلى ثمنه أو وجده يباع بأكثر من ثمن مثله في ذلك المحل ( فالأظهر أن له بدلا ) قياسا على دم التمتع وغيره والثاني لعدم النص فيبقى في ذمته
( و ) الأظهر على الأول ( أنه ) أي البدل ( طعام ) لأنه أقرب إلى الحيوان من الصيام لاشتراكهما في المالية فكان الرجوع إليه عند الفقد أولى وعليه قيل يقدر بثلاثة آصع لستة مساكين كفدية الحلق والأصح ( بقيمة الشاة ) مراعاة للقرب فيقوم الشاة بدراهم ويخرج بقيمتها طعاما
( فإن عجز ) عن الطعام ( صام ) حيث شاء ( عن كل مد يوما ) قياسا على الدم الواجب
____________________

الصفحة 534