كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة (اسم الجزء: 1)

حدث أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: " حَدثنَا فلَان عَن فلَان أَن النَّبِي قَالَ لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو خف أَو حافر أَو جنَاح، فَأمر لَهُ الْمهْدي ببدرة فَلَمَّا قَامَ قَالَ: أشهد على قفاك أَنه قفا كَذَّاب على رَسُول الله، ثمَّ قَالَ الْمهْدي: أَنا حَملته على ذَلِك ثمَّ أَمر بِذبح الْحمام ورفض مَا كَانَ فِيهِ ".
(الصِّنْف السَّادِس) قوم حملهمْ الشره ومحبة الظُّهُور على الْوَضع، فَجعل بَعضهم لذِي الْإِسْنَاد الضَّعِيف إِسْنَادًا صَحِيحا مَشْهُورا، وَجعل بَعضهم للْحَدِيث إِسْنَادًا غير إِسْنَاده الْمَشْهُور ليستغرب وَيطْلب، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: وَمن هَؤُلَاءِ إِبْرَاهِيم بن اليسع وَهُوَ ابْن أبي حَيَّة كَانَ يحدث عَن جَعْفَر الصَّادِق وَهِشَام بن عُرْوَة فيركب حَدِيث هَذَا على حَدِيث ذَاك لتستغرب تِلْكَ الْأَحَادِيث بِتِلْكَ الْأَسَانِيد قَالَ: وَمِنْهُم حَمَّاد بن عَمْرو النصيبي وبهلول بن عبيد وأصرم بن حَوْشَب، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر: وَهَذَا دَاخل فِي قسم المقلوب، وَقَالَ القَاضِي تَاج الدَّين السُّبْكِيّ فِي طَبَقَات الشَّافِعِيَّة الْكُبْرَى نقلا عَن السؤالات الحديثية الَّتِي سَأَلَ الْحَافِظ أَبُو سَعْدَان عَلَيْك عَنْهَا الْأُسْتَاذ أَبَا إِسْحَق الإِسْفِرَايِينِيّ: إِن من قلب الْإِسْنَاد ليستغرب حَدِيثه ويرغب فِيهِ يصير دجالًا كذابا تسْقط بِهِ جَمِيع أَحَادِيثه وَإِن رَوَاهَا على وَجههَا وَمِنْهُم من كَانَ يَدعِي سَماع مَا لم يسمع، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: حدث عبد الله بن إِسْحَق الْكرْمَانِي عَن مُحَمَّد بن يَعْقُوب فَقيل لَهُ مَاتَ مُحَمَّد قبل أَن تولد بتسع سِنِين، وَحدث مُحَمَّد بن حَاتِم الْكشِّي عَن عبد بن حميد، فَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا الشَّيْخ سمع من عبد بن حميد بعد مَوته بِثَلَاث عشرَة سنة.
(الصِّنْف السَّابِع) قوم وَقع الْمَوْضُوع فِي حَدِيثهمْ وَلم يتعمدوا الْوَضع، كمن يغلط فيضيف إِلَى النَّبِي كَلَام بعض الصَّحَابَة أَو غَيرهم، وَكَمن ابْتُلِيَ بِمن يدس فِي حَدِيثه مَا لَيْسَ مِنْهُ، كَمَا وَقع ذَلِك لحماد بن سَلمَة مَعَ ربيبه عبد الْكَرِيم بن أبي العوجاء وكما وَقع لِسُفْيَان بن وَكِيع مَعَ وراقه قرطمة، ولعَبْد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث مَعَ جَاره، وَكَمن تدخل عَلَيْهِ آفَة فِي حفظه أَو فِي بَصَره أَو فِي كِتَابه فيروي مَا لَيْسَ من حَدِيثه غالطا، قَالَ ابْن الصّلاح: وَأَشد هَذِه الْأَصْنَاف ضَرَرا أهل الزّهْد لأَنهم للثقة بهم وتوسم الْخَيْر فيهم يقبل موضوعاتهم كثير مِمَّن هُوَ على نمطهم فِي الْجَهْل ورقة فِي الدَّين، قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر ويلتحق بالزهاد فِي ذَلِك المتفقهة الَّذين استجازوا نِسْبَة مَا دلّ عَلَيْهِ الْقيَاس إِلَى النَّبِي

الصفحة 15