كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

عقبة وابن إسحاق ومن بعدهم. . . " ثم تكلم عن المراسيل وحكمها وآليات قبولها (¬١).
وقال أيضًا: "وأما أحاديث سبب النزول؛ فغالبها مرسل ليس بمسند، ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل: ثلاث علوم لا إسناد لها -وفي لفظ: ليس لها أصل-: التفسير، والمغازي، والملاحم؛ يعني: أن أحاديثها مرسلة، والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها. . . إلخ" (¬٢).
وقال أيضًا: "وقال الإمام أحمد: ثلاث علوم ليس لها أصول: المغازي، والملاحم، والتفسير. وفي لفظ: ليس لها أسانيد؛ ومعنى ذلك: أن الغالب عليها أنها مرسلة ومنقطعة؛ فإذا كان الشيء مشهورًا عند أهل الفن قد تعددت طرقه فهذا مما يرجع إليه أهل العلم بخلاف غيره" (¬٣)؛ وظاهر جدًّا من السياقات المختلفة التي ساق ابن تيمية فيها تلك العبارة ربطه بينها وبين كون هذه العلوم أغلبها مراسيل؛ ولذا تكلم بعد إيرادها في كل المواطن عن المرسل وآليات قبوله، ثم بيَّن أن هذه المرويات رغم انقطاعها إلا أنها اشتهرت عند المتخصصين وتعددت طرقها، مما جعل أهل العلم يرجعون إليها ويدققون فيها.
وجلي إذًا أن فقه واقع الزمن الذي نشأت فيه الرواية، واشترطت في نقلها الأسانيد له أثر كبير في معرفة أسس التعامل مع المرويات وفهم منهج المحدثين في قبولها أو ردها؛ ذلك أن هذا المنهج انطلق أساسًا من هذا الواقع وراعى كل جزئياته وكان من الأسس التي قام عليها والتي لا يمكن إهمالها مراعاة الواقع الزمني والواقع الإنساني وميوله واحتياجاته ورغباته، ولم يحدث أبدًا نوع تصادم بين منهج المحدثين وبين تلك المرويات في كافة فنون الشريعة.
_________
(¬١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤٥ - ٣٤٦.
(¬٢) منهاج السُّنَّة ٧/ ٤٣٥.
(¬٣) تلخيص كتاب الاستغاثة ١/ ٧٦.

الصفحة 535