كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

أبي عبيدة عن أبيه في المسند -يعني: في الحديث المتصل- لمعرفة أبي عبيدة بحديث أبيه وصحتها وأنه لم يأت فيها بحديث منكر" (¬١).
وظاهر جدًّا من خلال كلامي ابن تيمية وابن رجب أثر القرائن المحتفّة بالخبر المنقطع في رفعه إلى أن يكون في حكم المتصل؛ من نحو اختصاص الراوي بحديث شيخ معين وإتقانه له، وشهرته بين تلاميذ الشيخ بإتقان روايته. . . إلخ، بل بلغ الأمر بقوة القرائن أن قال ابن تيمية في النقل السابق: "فلهذا صار الناس يحتجون برواية ابنه عنه وإن قيل: إنه لم يسمع من أبيه" (¬٢).
ومن ذلك أيضًا: رواية سعيد بن المسيب عن عمر (¬٣)؛ فقد قال الشافعي: ". . . وإذا اتصل الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وصح الإسناد به فهو سُنَّة، وليس المنقطع بشيء ما عدا منقطع سعيد بن المسيب، قال أبو محمد ابن أبي حاتم رحمه اللَّه: يعني ما عدا منقطع سعيد بن المسيب أن يعتبر به" (¬٤)
وقال ابن أبي حاتم: "سمعت أبي يقول: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز" (¬٥).
وقال ابن عبد البر: "ورواية سعيد بن المسيب عن عمر. . . تجري مجرى المتصل وجائز الاحتجاج بها عندهم" (¬٦)، ومن ذلك أيضًا: رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود (¬٧) وغيرها.
* * *
_________
(¬١) شرح علل الترمذي ١/ ٥٤٤.
(¬٢) مجموع الفتاوى ٦/ ٤٠٤.
(¬٣) ينظر مثلًا: التمهيد لابن عبد البر ١/ ٣٠، جامع التحصيل ١/ ١٨٤.
(¬٤) المراسيل لابن أبي حاتم ص ٦.
(¬٥) المراسيل لابن أبي حاتم ص ٧١.
(¬٦) التمهيد ١٢/ ١١٦.
(¬٧) ينظر مثلًا: الكامل لابن عدي ٤/ ١٠٤، التمهيد لابن عبد البر ١/ ٣٠، شرح علل الترمذي ١/ ٤٥٢.

الصفحة 538