كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

وقال البيهقي: ". . . وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:
ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملًا في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين. . . " (¬١).
ومن أبرز المفسرين المتهمين بالكذبِ الكَلْبِيُّ، وقد صرح هو نفسه بذلك فقال: "ما حدثتُ عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه" (¬٢)، ولهذا سئل أحمد عن تفسير الكلبي؛ فقال: "كذب. قيل: يحل النظر فيه؟ قال: لا" (¬٣).
وقد نصَّ الطبري على أن رواية الكلبي لا يجوز الاحتجاج بها، فقال في حديثه عن الأحرف السبعة: "فإن قال لنا قائل: فهل لك من علم بالألسن السبعة التي نزل بها القرآن؟ وأي الألسن هي من ألسن العرب؟
قلنا: أما الألسن السبعة (¬٤) التي قد نزلت القراءة بها فلا حاجة بنا إلى معرفتها، لأنا لو عرفناها لم نقرأ اليوم بها، مع الأسباب التي قدمنا ذكرها.
وقد قيل: إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة.
روي جميع ذلك عن ابن عباس؛ وليست الرواية عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله، وذلك أن الذي روى عنه: أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن الكلبي عن أبي صالح، وأن الذي روى عنه: أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة قتادة، وقتادة لم يلقه، ولم يسمع منه" (¬٥).
فقد نصَّ الطبري على كون الكلبي غير محتج بروايته، ورغم كون تفسير الكلبي أطول التفاسير (¬٦)، وتعرض الكلبي بالتفسير والرواية لمعظم آيات القرآن، إلا أن الطبري لم يورد له إلا مواضع قليلة جدًّا في تفسيره، وكان أغلبها من رأي الكلبي لا
_________
(¬١) دلائل النبوة ومعرفة صاحب أحوال الشريعة ١/ ٣٣.
(¬٢) تهذيب التهذيب ٤/ ١١٧.
(¬٣) المجروحين من المحدثين لابن حبان ٢/ ٢٦٣، ت: حمدي السلفي.
(¬٤) وقع في المطبوع: "الألسن الستة"، وهو هكذا في تفسير الطبري، تحقيق: شاكر ١/ ٦٦، ولعل الصواب: "الألسن السبعة" -كما ذكرت- فالسؤال الذي أورده الطبري وجوابه عنه صريح في أنها سبعة. واللَّه أعلم.
(¬٥) تفسير الطبري ١/ ٢٩.
(¬٦) قال ابن عدي: "وهو رجل معروف بالتفسير، وليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه". الكامل ٧/ ٢٨٢.

الصفحة 566