كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

بالنقل المستفيض، ولا خبر بذلك تقوم به الحجة فيجب التسليم له، ولا هو مما يستدل عليه بالاستدلال والمقاييس فيمثل بغيره، ويستنبط علمه من جهة الاجتهاد" (¬١).
ومن أمثلته: ما أورده الطبري في قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١] حيث قال: "واختلف أهل التأويل في المَعني بقوله: {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}؛ فقال بعضهم: كان قائل ذلك رجلًا من اليهود. . . وقال آخرون: هذا خبر عن مشركي قريش أنهم قالوا: ما أنزل اللَّه على بشر من شيء" (¬٢).
ثم قال: ". . . وإذا لم يكن بما روي من الخبر بأن قائل ذلك كان رجلًا من اليهود خبر صحيح متصل السند، ولا كان على ذلك من أهل التأويل إجماع، وكان الخبر من أول السورة ومبتدئها إلى هذا الموضع خبرًا عن المشركين من عبدة الأوثان وكان قوله: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} موصولًا بذلك غير مفصول منه لم يجز لنا أن ندعي أن ذلك مصروف عما هو به موصول؛ إلا بحجة يجب التسليم لها من خبر أو عقل" (¬٣).
ومن أمثلته أيضًا: قول ابن عطية: "وروي في أمر {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} [الكهف: ٩٤] أن أرزاقهم هي من التنين يمطرونها، ونحو هذا مما لم يصح، وروي أيضًا أن الذَّكر منهم لا يموت حتى يولد له ألف، والأنثى لا تموت حتى تخرج من بطنها ألف؛ فهم لذلك إذا بلغوا العدد ماتوا، ويروى أنهم يتناكحون في الطرق كالبهائم، وأخبارهم تضيق بها الصحف، فاختصرتها لضعف صحتها" (¬٤).
ومن أمثلة ذلك أيضًا: ما ذكره ابن كثير عند قوله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١]؛ قال: "وقد روى الحافظ ابن مردويه من حديث سعيد بن بشير والأوزاعي عن قتادة عن أنس -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "أنها نزلت في الصلاة في النعال". ولكن في صحته نظر" (¬٥).
ومن أمثلته أيضًا: ما ذكره ابن عطية عند قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا
_________
(¬١) تفسير الطبري ١/ ٥٤٩.
(¬٢) تفسير الطبري ٧/ ٢٦٨، بتصرف يسير.
(¬٣) تفسير الطبري ٧/ ٢٦٨، ٢٦٩.
(¬٤) المحرر الوجيز ٣/ ٥٤٢.
(¬٥) تفسير ابن كثير ٢/ ٢١١.

الصفحة 568