كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

سَعَى} [النجم: ٣٩] قال: "وروي عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أن قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} منسوخ بقوله: {وَالَّذِينَءَامَنُوا وَاتَبَعَتْهُمْ ذُرِّيَتَهُمْ بِإِيمَانٍ أَلحَقَنَا بِهِمْ ذُرِّيهُمْ} [الطور: ٢١]، وهذا لا يصح عندي على ابن عباس؛ لأنه خبر لا ينسخ. . . اللَّهُمَّ إلا أن يتجوز في لفظ النسخ ليفهم سائلًا" (¬١).
وتجدر الاشارة إلى: أن السلف كانوا يطلقون النزول على كل ما تصدق عليه الآية من الأحداث والمعاني والقصص، سواء كان هذا الحدث أو هذا المعنى سابقًا على الآية، أو مقارنًا لها أو متأخرًا عنها، وسواء كان هو سبب النزول أم لا، وبناء عليه فالذي يجب بيان صحته أو ضعفه ما كان مرادًا به أنه سبب نزول الآية لا غير.
كما تجدر الاشارة إلى: أن الأخبار الغيبية لا تعامل كلها معاملة واحدة؛ بل ينبغي التفريق بين ما كان واردًا عن بني إسرائيل وما لم يكن واردًا عنهم، فالأول لا يمكن الحكم عليه بصحة أو ضعف بخلاف الثاني؛ إذ ضابط القبول والرد لأخبار بني إسرائيل ليس هو الإسناد، إذ الإسناد خاصية من خصائص هذه الأمة، وإنما الضابط هو: موافقة الشرع أو عدم مواِفقته؛ فما كان موافقًا قُبِلَ، وما كان مُخَالِفًا رُدّ، وما لم تظهر موافقته أو مخالفته تُوقِّف فيه وجازت حكايته.
نعم؛ قد يكون الحكم على السند الموصل للصحابي أو التابعي الذي نقل هذه الإسرائيلية بالصحة أو الضعف، وأما الرواية الإسرائيلية نفسها فضابط قبولها أو ردها موافقة الشرع أو لا.
٤ - اشتراط ثبوت التفسير عن قائله إذا كان مخالفًا لما ثبت عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، أو مخالفته لما هو متقرر وثابت في الشرع؛ فإذا روي عن مفسر من السلف قول بخلاف المتقرر في الشرع، أو بخلاف ما دلَّ عليه الحديث النبوي؛ وجب التثبت من صحة ثبوته عنه قبل نسبته له.
ومن أمثلة ذلك: ما ذكره ابن عطية في قوله تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: ٤١] قال: "روي عن علي بن أبي طالب -رضي اللَّه عنه- أنه قال: كانت نكباء. وهذا عندي لا يصح عن علي -رضي اللَّه عنه-؛ لأنه مردود بقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "نصرت بالصَّبَا،
_________
(¬١) المحرر الوجيز ٥/ ٢٠٦. وينظر أمثلة أخرى في: تفسير الطبري ١/ ١٥٦: ١٥٧، ٢٢٧، ٢٩٣، ٦/ ٢٧٦، ٧/ ١٦٤، المحرر الوجيز ١/ ١٢٧، ١٤١، ١٨٧، ٢٣١، ٣٤٣، ٣٥٦، ٢/ ٣١١، ٣/ ١٩٩، ٤٨٢، ٥٢٢، ٥/ ٢٠٨، ٣٦٥، تفسير ابن كثير ١/ ٧٧، ١١٢.

الصفحة 569