كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 1)

إسرائيل، وكان آدم أول من مات" وهذا غريب جدًّا، وفي إسناده نظر" (¬١).
ثم أيد ابن كثير هذه الغرابة والضعف بما ساقه من مراسيل الحسن التي تفيد أنه كان يرى أنهما ابني آدم لصلبه، فقال: "وقد قال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن ابني آدم عليه السلام ضُربا لهذه الأمة مثلًا فخذوا بالخير منهما" (¬٢)، ورواه ابن المبارك عن عاصم الأحول، عن الحسن قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن اللَّه ضرب لكم ابني آدم مثلًا فخذوا من خيرهم ودعوا الشر" (¬٣).
ومن أمثلة ذلك أيضًا: ما روي عن مجاهد في المقصود بقوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} [الأعراف: ١٧٥]، قال ابن عطية: "وقال مجاهد: كان رشح للنبوءة وأعطيها، فرشاه قومه على أن يسكت ففعل.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول مردود لا يصح عن مجاهد، ومن أعطي النبوءة فقد أعطى العصمة ولا بد، ثبت هذا بالشرع" (¬٤).
٥ - اشتراط ثبوت القول عن قائله عند كون المعنى المفسر به مخالفًا للمشهور أو الغالب من معنى الكلمة، أو مخالفًا للسياق.
ومن أمثلة ذلك: ما روي عن الضحاك في معنى قوله تعالى: {وَجاهِدُوْا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ} [الحج: ٧٨]؛ فقد ساق الطبري المعنى المعروف للجهاد من كونه مرادًا به الجهاد في سبيل اللَّه ثم قال: "وقال آخرون: معنى ذلك: اعملوا بالحق حق عمله. وهذا قول ذكره عن الضحاك بعض من في روايته نظر" (¬٥).
ثم قال: "والصواب من القول في ذلك قول من قال: عني به الجهاد في سبيل اللَّه؛ لأن المعروف من الجهاد ذلك، وهو الأغلب على قول القائل: جاهدت في اللَّه" (¬٦).
ومن أمثلته أيضًا: ما ذكره ابن عطية عن ابن عباس في قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} [الرعد: ١٧] قال: "وروي عن ابن عباس في قوله: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} يريد به الشرع والدين {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ} يريد به القلوب؛ أي: أخذ النبيل بحظه، والبليد بحظه.
_________
(¬١) تفسير ابن كثير ٢/ ٤٦.
(¬٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٤.
(¬٣) تفسير ابن كثير ٢/ ٤٦.
(¬٤) المحرر الوجيز ٢/ ٤٧٦، ٤٧٧. وينظر أمثلة أخرى في: تفسير الطبري ٥/ ٤٤.
(¬٥) تفسير الطبري ١٧/ ٢٠٥.
(¬٦) تفسير الطبري ١٧/ ٢٠٥.

الصفحة 571