كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 1)
"من كان منكم ذا هم بعيد، وجمل شديد، ومزاد1 جديد؛ فليلحق بقصر عمان المشيد2؛ فكانت أزد عمان، ثم قالت: من كان منكم ذا جلد وقسر3، وصبر على أزمات الدهر؛ فعليه بالأراك4 من بطن مر5، فكانت خزاعة، ثم قالت: من كان منكم يريد الراسيات في الوحل، والمطعمات في المحل6؛ فليلحق بيثرب ذات النخل، فكانت الأوس والخزرج، ثم قالت: من كان منكم يريد الخمر الخمير، والملك والتأمير، ويلبس الديباج والحرير، فليحلق ببصرى وغوير، "وهما من أرض الشام"، فكان الذي سكنوها من آل جفنة من غسان، ثم قالت: من كان منكم. يد الثياب الرقاق، والخيل العتاق، وكنوز الأرزاق، والدم المهراق، فليلحق بأرض العراق، فكان الذين سكنوها آل جذيمة الأبرش، ومن كان بالحيرة وآل محرق7".
"مجمع الأمثال: 1: 186".
__________
1 المزاد والمزايد جمع مزادة: وهي الراوية.
2 المشيد: المرفوع، قال مسلم بن الوليد في رثاه يزيد بن مزيد:
أما هدت لمصرعه نزار؟ بلى، وتقوض المجد المشيد.
3 قسره على الأمر: قهره.
4 الأراك: القطعة من الأرض، وموضع بعرفات، وجيل بهذيل.
5 مر بن أد بن طابخة.
6 المحل: الشدة والجدب.
7 هو عمرو بن هند؛ لأنه حرق مائة من بني تميم.
68- حديث زبراء الكاهنة مع بني رئام من قضاعة:
كان ثلاثة أبطن من قضاعة مجتورين1 بين الشحر وحضرموت: بنو ناعب، وبنو داهن، وبنو رئام وكانت بنو رئام أقلهم عددًا، وأشجعهم لقاء وكانت لبني رئام عجوز تسمى خويلة، وكانت لها أمة من مولدات العرب تسمى زبراء وكان يدخل على خويلة أربعون رجلًا، كلهم لها محرم، بنو إخوة وبنو أخوات، وكانت خويلة عقيمًا، وكان بنو ناعب، وبنو داهن متظاهرين على بني رئام؛ فاجتمع بنو رئام ذات يوم في عرس لهم، وهم سبعون رجلًا، كلهم شجاع بئيس2، فطعموا وأقبلوا على شرابهم، وكانت
__________
1 متجاورين.
2 البئيس: الشجاع، من بؤس ككرم بأسًا.