كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 1)
يجتمعا له، وكان الباطل أولى به، وإن الحق لم يزل ينفر من الباطل، ولم يزل الباطل ينفر من الحق.
يا معشر عدوان: لا تشمتوا بالذلة، ولا تفرحوا بالعزة، فبكل عيش يعيش الفقير مع الغني، ومن ير يومًا ير به1، وأعدوا لكل امرئ جوابه، إن مع السفاهة الندامة، والعقوبة نكال وفيها ذمامة2، ولليد العليا3، العاقبة، والقود4 راحة، لا لك ولا عليك، وإذا شئت وجدت مثلك، إن عليك كما أن لك، وللكثرة الرعب، وللصبر الغلبة، ومن طلب شيئًا وجده، وإن لم يجده يوشك أن يقع قريبًا منه".
"مجمع الأمثال 2: 183".
__________
1 أي من رأى يومًا عدوه رأى مثله على نفسه.
2 الذمامة بالفتح ويكسر، والذمة: العهد، والكفالة: والحق، والحرمة.
3 اليد العليا المعطية، والسفلى: السائلة، وفي الحديث: "اليد العليا خير من اليد السفلى"، وهو حث على الصدقة.
4 القود: القصاص.
78- وصية دويد بن زيد لبنيه:
لما حضرت دويد1 بن زيد الوفاة قال لبنيه:
"أوصيكم بالناس شرًّا، لا ترحموا لهم عبرة، ولا تقيلوهم عثرة2، قصروا الأعنة، وطولوا الأسنة، واطعنوا شزرًا3، واضربوا هبرًا4، وإذا أردتم المحاجزة،
__________
1 هو دويد بن زيد بن نهد الحميري، وكان من المعمرين. قيل عاش أربعمائة وستًا وخمسين سنة، "قالوا: ولا يعد العرب معمرًا إلا من عاش مائة وعشرين سنة فصاعدا".
2 أقال الله عثرته: رفعه من سقوطه.
3 الطعن في الجوانب يمينًا وشمالًا.
4 هبر اللحم: قطعه قطعًا كبارًا، والهبرة "بالفتح" القطعة المجتمعة منه وضرب هبر وهبير هابر: أي يقطع اللحم.