كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 1)

"يا بني إن الصارم ينبو، والجواد يكبو، والأثر يعفو1، فإذا شهدت حربًا، فرأيت نارها تستعر، وبطلها يخطر، وبحرها يزخر، وضعيفها ينصر، وجبانها يجسر، فأقلل المكث والانتظار، فإن الفرار غير عار، إذا لم تكن طالب ثار، فإنما ينصرون هم2، وإياك أن تكون صيد رماحها، ونطيح نطاحها".
وقال لابنه سعيد، وكان جوادًا: "يا بني لا يبخل الجواد، فابذل الطارف والتلاد3، وأقلل التلاح4، تذكر عند السماح، وابل5 إخوانك، فإن وفيهم قليل، واصنع المعروف عند محتمله".
وقال لابنه ساعدة، وكان صاحب شراب: "با بني إن كثرة الشراب، تفسد القلب، وتقلل الكسب وتجد اللعب6، فأبصر نديمك، واحتم حريمك، وأعن غريمك7 واعلم أن الطمأ القامح8، خير من الري الفاضح، وعليك بالقصد فإن فيه بلاغًا".
"مجمع الأمثال 1: 48".
__________
1 عفا الأثر: درس وامحى.
2 أي طلاب الثار.
3 الطارف والطريف: المال المستحدث، والتالد، والتليد، والتلاد، والمتلد: المال القديم الأصل الذي ولد عندك.
4 التلاحي: التنازع، ولاحاه ملاحاة ولحاء نازعه.
5 اختبر.
6 أي تجعله جدا، والجد "بالكسر" ضد الهزل.
7 الغريم: المدين "وهو الدائن أيضًا".
8 معناه العطش الشاق خير من ري يفضح صاحبه، وقح البعير قوحًا: رفع رأسه عند الحوض وامتنع من الشر فهو قامح، وقح البعير: اشتد حتى فتر شديدًا.
81- وصية قيس بن زهير لبني النمر بن قاسط.:
جاور قيس بن زهير العبسي1 بعد يوم الهباءة النمر بن قاسط، وتزوج منهم، وأقام فيهم حتى ولد له؛ فلما أراد الرحيل عنهم قال:
__________
1 هو صاحب حرب داحس والغبراء، وكان من قصته أنه تراهن هو وحذيفة بن سيد بني ذيبان على فريسهما داحس "فرس قيس" والغبراء "فرس حذيفة" -وقيل إنهما تراهنا على داحس والغبراء فرسي قيس، والخطار والحنفاء فرسي حذيفة- وتواضعا الرهان على مائة بعير، ثم قادوهما إلى رأس=

الصفحة 127