كتاب جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (اسم الجزء: 1)

عن عواقب المساءة؟ فما يدرك بكم ثأر، ولا يبلغ بكم مرام؟ دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم1 جرجرة الجمل الأسر2 وتثاقلتم تثاقل النضو3 الأدبر، ثم خرج إلي منكم جنيد متذائب4 ضعيف؛ كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون".
"نهج البلاغة 1: 46".
__________
1 الجرجرة: صوت يردده البعير في حنجرته، وأكثر ما يكون ذلك عند الإعياء والتعب.
2 المصاب بداء السرر "بالتحريك"، وهو وجع في الكركرة "رحى زور البعير".
3 النضو: البعير المهزول، والأدبر: المدبور أي المجروح.
4 جنيد: تصغير جند، ومتذائب: أي مضطرب من قولهم: تذاءت الريح، أي اضطرب هبوبها، ومنه سمي الذئب ذئبًا لاضطراب مشيته.
324- خطبة الإمام وقد أغار الضحاك بن قيس على الحيرة 1:
ووجه معاوية الضحاك بن قيس فأغار على الحيرة وغنم أموال أهلها، وبلغ ذلك عليًًّا فاستصرخ الناس، فتقاعدوا عنه، فقام فيهم خطيبًا فقال:
"أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، كلامكم يوهي الصم2 الصلاب، وفعلكم يطمع فيكم الأعداء، تقولون في المجالس كيت وكيت3؛ فإذا جاء القتال قلتم حيدي حياد4، ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، أعاليل بأضاليل5، دفاع ذي الدين المطول6، هيهات لا يمنع الضيم الذليل، ولا يدرك
__________
1 شمالي الكوفة.
2 يوهي: يشق ويخرق، والصم: جمع أصم، وهو الحجر الصلب المصمت.
3 بفتح آخرهما ويكسر: أي كذا كذا.
4 حيدي حياد: كلمة يقولها الهارب الفار، من حاد حيدانًا بمعنى مال وانحرف، أي ابعدي وتنحي عني أيتها الحرب، وهي نظيرة قولهم "فيحى فياح" أي اتسعي.
5 الأضاليل: جمع أضلولة بالضم، وهي الضلال، وفي كتب اللغة: العلالة ""بالضم" والتعلة "كتحية"، والعلة "بالفتح" ما يتعلل به"، ولم أجد فيها كلمة أعاليل ولا مفردها ولا بد أن تكون جمع أعلولة بالضم: كأضاليل وأعاجيب وألاعيب ... إلخ. والمعنى إن أقوالكم هذه تعلل بأباطيل لا جدوى لها.
6 مبالغة في ماطل.

الصفحة 425