كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

قتلهم علة، ابني أسير في أيديهم، فاغتنمها صفوان فقال: علي دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، ولا يسعني شيء ويعجز عنهم، قال له عمير: فاكتم عني شأني وشأنك، قال: أفعل، ثم أمر عمير بسيفه فشحذ له وسم، ثم انطلق به حتى قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون في يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله تعالى به، إذ نظر إلى عمير بن وهب حين أناخ على باب المسجد متوشحًا السيف فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب ما جاء إلا لشر، وهو الذي حرش بيننا وحزرنا للقوم يوم بدر، ثم دخل عمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا نبي الله هذا عدو الله عمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال: "فأدخله علي" قال: فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاجلسوا عنده واحذروا عليه ذلك الخبيث فإنه غير مأمون، ثم دخل به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه، قال: "أرسله يا عمر, ادن يا عمير" فدنا ثم قال: أنعموا صباحًا -وكانت تحية أهل الجاهلية- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير, بالسلام 1 تحية أهل الجنة" قال: أما والله إن كنت يا محمد بهذا الحديث عهد، قال: "فما جاء بك يا عمير؟ " قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: "فما بال السيف في عنقك?" قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئًا? قال: "اصدقني, ما الذي جئت له?" قال: ما جئت إلا لذلك، قال: "بلى, قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر, فذكرتم أصحاب القليب من قريش ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدًا،
__________
1 لعل المسلم بذلك يحرص على تحية الإسلام -السلام- عند تحيته لأخيه المسلم، ويعدل عن مثل: نهارك سعيد، أو مساء الخير.

الصفحة 350