كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
فتحمل صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني له، والله1 حائل بينك وبين ذلك" قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما تأتينا به من خبر السماء وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم أن ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق، ثم تشهد بشهادة الحق.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "فقهوا أخاكم في دينه, وأقرئوه القرآن, وأطلقوا له أسيره" ثم قال: يا رسول الله, إني كنت جاهدًا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله، وأنا أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله -عز وجل- وإلى الإسلام لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أؤذي أصحابك في دينهم، قال: فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلحق بمكة وكان صفوان يسأل عنه الركبان فلما أخبره بإسلامه حلف أن لا يكلمه ولا ينفعه أبدًا. خرجه ابن إسحاق وقال: فأقام عمير بمكة يدعو إلى الإسلام ويؤذي من خالفه أذى شديدًا, فأسلم على يديه ناس كثير.
وعن ابن مسعود قال: بينما نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نمشي إذ مر بصبيان يلعبون فيهم ابن الصياد فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "تربت يداك، أتشهد أني رسول الله؟ " فقال هو: أتشهد أني رسول الله? قال: فقال عمر: يا رسول الله دعني فلأضربن عنقه، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن يكن الذي يخاف فلن تستطيعه" خرجه أحمد وخرجه أيضًا مسلم بزيادة ولفظه: قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمررنا بصبيان فيهم ابن الصياد، ففر الصبيان وجلس ابن الصياد، فكأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كره ذلك، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم: "تربت يداك، أتشهد أني رسول الله؟ " فقال: لا, بل أتشهد أنت أني رسول الله? فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله حتى أقتله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن يكن الذي يرى, فلن تستطيع قتله".
__________
1 حقًّا, فالله تعالى قد قال له -صلى الله عليه وسلم: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} .