كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
وعن ابن عباس قال: كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة، فأطلع الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- على ذلك, فبعث عليا والزبير في أثر الكتاب فأدركا امرأة على بعير فاستخرجاه من قرونها فأتيا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأرسل إلى حاطب فقال: "يا حاطب أنت كتبت هذا الكتاب؟ " قال: نعم يا رسول الله قال: "فما حملك على ذلك?" فقال: يا رسول الله أما والله إني لناصح لله ولرسوله, ولكني كنت غريبًا في أهل مكة وكان أهلي بين ظهرانيهم وخشيت عليهم, فكتبت كتابًا لا يضر الله ورسوله شيئًا، وعسى أن يكون منفعة لأهلي، قال عمر: فاخترطت سيفي ثم قلت: أمكني من حاطب فإنه قد كفر, فأضرب عنقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يابن الخطاب ما يدريك, لعل الله قد اطلع على هذه العصابة من أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم, فقد غفرت لكم". خرجه مسلم.
وفي لفظ فقال: ما فعلت ذلك ارتدادًا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن هذا صدقكم" فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب، الحديث، إلى قوله: "فقد غفرت لكم" وزاد: فنزلت فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} . أخرجاه1، وابن حبان واللفظ له.
وعن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقسم قسمًا, إذ أتاه ذو الخويصرة -وهو رجل من بني تميم- فقال: يا رسول الله اعدل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ويلك!! من يعدل إذا لم أعدل? قد خبت وخسرت إن لم أعدل" فقال عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "دعه فإن له أصحابًا, يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم, يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، فيهم رجل أسود إحدى
__________
1 البخاري ومسلم, كما سبق بيان ذلك مرارًا.