كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
قاتلي, قال: فضربه الحد ثانية وحبسه, فمرض ثم مات.
وعن مجاهد قال: تذاكرنا الناس في مجلس ابن عباس, فأخذوا في فضل أبي بكر ثم في فضل عمر, فلما سمع ابن عباس ذكر عمر بكى بكاءً شديدًا حتى أغمي عليه فقال: رحم الله رجلًا قرأ القرآن وعمل بما فيه, وأقام حدود الله كما أمر، لا تأخذه في الله لومة لائم، لقد رأيت عمر وقد أقام الحد على ولده فقتله فيه، فقيل له: يابن عم رسول الله حدثنا كيف أقام عمر الحد على ولده?
فقال: كنت ذات يوم في المسجد وعمر جالس والناس حوله, إذ أقبلت جارية فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين فقال عمر: وعليك السلام ورحمة الله, ألك حاجة? فقالت: نعم خذ ولدك هذا مني، فقال عمر: إني لا أعرفك, فبكت الجارية وقالت: يا أمير المؤمنين إن لم يكن ولدك من ظهرك فهو ولد ولدك، فقال: أي أولادي? قالت: أبو شحمة، فقال: أبحلال أم بحرام? فقالت: من قبلي1 بحلال ومن جهته بحرام، قال عمر: وكيف ذاك? اتق الله ولا تقولي إلا حقا، قالت: يا أمير المؤمنين كنت مارة في بعض الأيام إذ مررت بحائط لبني النجار, إذ أتى ولدك أبو شحمة يتمايل سكرًا، وكان شرب عند نسيكة اليهودي، قالت: ثم راودني عن نفسي وجرني إلى الحائط, ونال مني ما ينال الرجل من المرأة وقد أغمي علي، فكتمت أمري عن أهلي وجيراني حتى أحسست بالولادة, فخرجت إلى موضع كذا وكذا ووضعت هذا الغلام وهممت بقتله ثم ندمت على ذلك، فاحكم بحكم الله بيني وبينه، فأمر عمر مناديًا فأقبل الناس يهرعون إلى المسجد, ثم قام عمر فقال: لا تتفرقوا حتى آتيكم، ثم خرج ثم قال: يابن عباس أسرع معي، فلم يزل حتى أتى منزله فقرع الباب وقال: ههنا ولدي أبو شحمة? فقيل له: إنه على الطعام
__________
1 من جهتي.