كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
السلام إن رأيت محمدًا فأقرئه مني السلام وقل له: خلفت عمر يقرأ القرآن ويقيم الحدود، يا غلام اضربه فلما بلغ تسعين انقطع كلامه وضعف, فرأيت أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا: يا عمر انظر كم بقي فأخره إلى وقت آخر، فقال: كما لم تؤخر المعصية لا تؤخر العقوبة، وجاء الصريخ إلى مه فجاءت باكية صارخة وقالت: يا عمر أحج بكل سوط حجة ماشية وأتصدق بكذا وكذا درهما، فقال: إن الحج والصدقة لا ينوب1 عن الحد، يا غلام تمم الحد فضربه, فلما كان آخر سوط سقط الغلام ميتًا فصام وقال: يا بني محص الله عنك الخطايا، ثم جعل رأسه في حجره وجعل يبكي ويقول: يا بني من قتله الحق، يا بني من مات عن انقضاء الحد، يا بني من لم يرحمه أبوه وأقاربه، فنظر الناس إليه فإذا هو قد فارق الدنيا، فلم ير يوم أعظم منه، وضج الناس بالبكاء والنحيب، فلما كان بعد أربعين يومًا أقبل علينا حذيفة بن اليمان صبيحة يوم الجمعة فقال: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المنام وإذ الفتى معه وعليه حلتان خضراوان فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أقرئ عمر مني السلام وقل له: هكذا أمرك الله أن تقرأ القرآن وتقيم الحدود" وقال الغلام: يا حذيفة, أقرئ أبي السلام وقل له: طهرك الله كما طهرتني والسلام. أخرجه شيرويه الديلمي في كتابه المنتقى.
وخرجه غيره مختصرًا بتغيير اللفظ وقال فيه: لعمر ابن يقال له: أبو شحمة فأتاه يومًا فقال له: إني زنيت فأقم علي الحد، قال: زنيت? قال: نعم، حتى كرر عليه ذلك أربعًا، قال: وما عرفت التحريم? قال: بلى، قال: معاشر المسلمين خذوه، فقال أبو شحمة: معاشر المسلمين, من فعل فعلي في جاهلية أو إسلام فلا يحدني, فقام علي بن أبي طالب وقال لولده الحسن فأخذ بيمينه وقال لولده الحسين فأخذ بيساره, ثم ضربه ستة
__________
1 لا ينوب شيء منهما من الحج والصدقة.