كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
عشر سوطًا فأغمي عليه ثم قال: إذا وافيت ربك فقل: ضربني الحد من ليس لك في جبينه حد، ثم قام عمر حتى أقام عليه تمام المائة السوط، فمات من ذلك فقال: أنا أوثر عذاب الدنيا على عذاب الآخرة، فقيل: يا أمير المؤمنين ندفنه من غير غسل ولا كفن كمن قتل في سبيل الله? قال: بل نغسله ونكفنه وندفنه في مقابر المسلمين؛ فإنه لم يمت قتيلًا في سبيل الله وإنما مات1.
وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة وكان من أكبر بني عدي, وكان أبوه شهد بدرًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: استعمل عمر قدامة بن مظعون على البحرين, وكان شهد بدرًا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو خال ابن عمر وحفصة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قدم الجارود من البحرين فقال: يا أمير المؤمنين إن قدامة بن مظعون قد شرب مسكرًا، وإني إذا رأيت حدا من حدود الله حق علي أن أرفعه إليك، فقال له عمر: من يشهد على ما تقول? فقال: أبو هريرة، فدعا عمر أبا هريرة فقال: علام تشهد يا أبا هريرة? فقال: لم أره حين شرب، وقد رأيته سكران يقيء، فقال عمر: لقد تنطعت أبا2 هريرة في الشهادة، ثم كتب عمر إلى قدامة وهو بالبحرين يأمره بالقدوم عليه، فلما قدم قدامة والجارود بالمدينة كلم الجارود عمر فقال: أقم على هذا كتاب الله، فقال عمر: أشهيد أنت أم خصم? فقال الجارود: أنا شهيد، فقال: قد كنت أديت شهادتك، فسكت الجارود ثم قال: لتعلمن أني أنشدك الله، فقال عمر: أما والله لتملكن لسانك أو لأسوءنك، فقال الجارود: أما والله ما ذاك بالحق أن يشرب ابن عمك وتسوءني، فأوعده عمر.
فقال أبو هريرة وهو جالس: يا أمير المؤمنين، إن كنت تشك في شهادتنا فسل بنت الوليد امرأة ابن مظعون، فأرسل عمر إلى هند ينشدها
__________
1 بالحد؛ للتطهر من الذنب.
2 يا أبا هريرة.