كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
بالله فأقامت هند على زوجها قدامة الشهادة فقال عمر: يا قدامة إني جالدك, فقال قدامة والله لو شربت كما يقولون ما كان لك أن تجلدني يا عمر، قال: ولم يا قدامة? قال: إن الله -عز وجل- قال: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 1 فقال عمر: إنك أخطأت التأويل يا قدامة، إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله، ثم أقبل عمر على القوم فقال: ما ترون في جلد قدامة? قالوا: لا نرى أن تجلده وهو مريض, فسكت عمر عن جلده أيامًا ثم أصبح يومًا وقد عزم على جلده فقال لأصحابه: ماذا ترون في جلد قدامة? فقالوا: لا نرى أن تجلده ما دام وجعًا، فقال عمر: إنه والله لأن يلقى الله تحت السياط أحب إلي أن ألقى الله وهو في عنقي، إني والله لأجلدنه، ائتوني بسوط، فجاءه مولاه أسلم بسوط دقيق صغير، فأخذه عمر فمسحه بيده ثم قال لأسلم: قد أخذتك بدقرارة أهلك، ائتوني بسوط غير هذا، فجاءه أسلم بسوط تام، فأمر عمر بقدامة فجلد فغاضب قدامة عمر وهجره، فحجا وقدامة مهاجر لعمر حتى قفلوا من حجهم ونزل عمر بالسقيا ونام بها, فلما استيقظ قال: عجلوا علي بقدامة، انطلقوا فأتوني به، فوالله إني لأرى في النوم أنه جاءني آت فقال: سالم قدامة فإنه أخوك، فلما جاءوا قدامة أبى أن يأتيه، فأمر عمر بقدامة فجر إليه جرًّا حتى كلمه عمر واستغفر له، فكان أول صلحهما، خرج البخاري منه إلى قوله: وهو خال ابن عمر وحفصة، وتمامه خرجه الحميدي.
"شرح" دقرارة أهلك أي: مخالفتهم, قال ابن الأعرابي: الدقرارة: الحديث المفتعل، والدقرارة: المخالفة.
وعن عمر بن أبي سلمى عن أبيه قال: قال عمر: لو أن أحدكم أومأ
__________
1 سورة المائدة الآية: 93.