كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

فرقد أترى أحدًا من العرب أقدر على ذلك مني? فقلت: ما أجد أقدر على ذلك منك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: سمعت الله عير أقوامًا فقال: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} 1. خرجه الواحدي.
"شرح" الكدم: العض والتفوق: الشرب شيئًا فشيئًا من فوقت الفصيل: إذا سقيته فواقًا فواقًا، والفواق: قدر ما بين الحلبتين، والحازر -بالحاء المهملة: اللبن الحامض قاله الجوهري.
وعن عمر أنه كان يقول: لو شئت لدعوت بصلاء وصناب وصلائق كراكر وأسنمة وأفلاذ كثيرة من لطائف اللذات، ثم قال: ولكني لا أدعو بها, ولا أقصد قصدها لئلا أكون من المتنعمين.
"شرح" الصلاء بالكسر والمد: الشوي، والصناب: الخردل المعمول بالزيت وهو صناع يؤتدم به، والصلائق: الرقاق واحدتها صليقة، وقيل: هي الحملان المشوية من صلقت الشاة: إذا شويتها، ويروى بالسين المهملة وهو كل ما سلق من البقول وغيرها، والكراكر: جمع كركرة وهي الثفنة التي في زور البعير, وهي إحدى الثفنات الخمس، والأفلاذ: جمع فلذة وهي القطعة, وكأنه أراد قطعًا من أنواع شتى.
وعنه أنه كان يقول: والله ما يمنعنا أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا, ونأمر بلباب الحنطة فيخبز لنا, ونأمر بالزبيب فينبذ لنا فنأكل هذا ونشرب هذا, إلا أنا نستبقي طيباتنا؛ لأنا سمعنا الله تعالى يقول يذكر أقوامًا: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} .
وعنه أنه اشتهى سمكًا طريًّا وأخذ يرقى راحلة, فسار ليلتين مقبلًا وليلتين مدبرًا واشترى مكتلًا فجاء به، وقام يرقى إلى الراحلة يغسلها من العرق فنظرها عمر فقال: عذبت بهيمة من البهائم في شهوة عمر! والله

الصفحة 366