كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

لا يذوق عمر ذلك.
وروي أنه كان يداوم على أكل التمر ولا يداوم على كل اللحم, ويقول: إياكم واللحم, فإن له ضراوة كضراوة الخمر، أي: إن له عادة نزاعة إليه كعادة الخمر، يقال منه: ضري بالكسر به ضرا وضراوة وضراة, إذا اعتاده.
وعن جعفر بن أبي العاص قال: أكلت مع عمر بن الخطاب الخبز والزيت, والخبز واللبن, والخبز والخل, والخبز والقديد، وأقل ذلك اللحم الغريض، وكان يقول: لا تنخلوا الدقيق فإنه كله طعام، فأتي بخبز غليظ فجعل يأكل ويقول: لتأكلوا، فجعلنا نعتذر فقال: ما لكم لا تألون? فقلنا: لا نأكله والله يا أمير المؤمنين، نرجع إلى طعام هو ألين من طعامك.
وعن حفصة قالت: دخل عليّ عمر فقدمت إليه مرقة باردة وصببت عليها زيتًا فقال: إدامان في إناء واحد، لا أذوقه أبدًا حتى ألقى الله, خرجه في فضائله.
وعن ابن عمر قال: دخل أمير المؤمنين عمر ونحن على مائدة فأوسعت له عن صدر المجلس فقال: باسم الله، ثم ضرب بيده في لقمة فلقمها, ثم ثنى بأخرى ثم قال: إني لأجد طعم دسم غير دسم اللحم، فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين, إني خرجت إلى السوق أطلب السمين لأشتريه فوجدته غاليًا, فاشتريت بدرهم من المهزول وجعلت عليه بدرهم سمنًا فقال عمر: ما اجتمعنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا أكل أحدهما وتصدق بالآخر، فقال عبد الله: يا أمير المؤمنين, ولن يجتمعا عندي أبدًا إلا فعلت ذلك.
وعن قتادة قال: كان عمر بن الخطاب يلبس وهو أمير المؤمنين جبة من صوف مرقعة بعضها من أدم, ويطوف في الأسواق وعلى عاتقه الدرة

الصفحة 367