كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
هل تدري ما قال أبي لأبيك? قال: قلت: لا، قال: فإن أبي قال لأبيك أبي موسى: هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهجرتنا معه وشهادتنا معه وعلمنا كله معه برد علينا وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافًا رأسًا برأس؟ فقال أبوك لأبي: لا والله, جاهدنا بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصلينا وصمنا وعملنا خيرًا كثيرًا, وأسلم على أيدينا بشر كثير وإنا لنرجو ذلك، قال أبي: ولكني والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملنا بعده نجونا منه كفانا رأسًا برأس، فقلت: إن أباك والله كان خيرًا من أبي. خرجه البخاري.
"شرح" برد لنا أي: ثبت واستقر.
وعن جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبس يومًا قباء من ديباج أهدي له ثم نزعه, فأرسل به إلى عمر وقال: "نهاني عنه جبريل -عليه السلام" فجاءه عمر يبكي فقال: يا رسول الله كرهت أمرًا وأعطيتنيه فما لي؟ فقال: "إني لم أعطكه تلبسه وإنما أعطيتكه تبيعه" فباعه بألف درهم. خرجه مسلم.
قال ابن إسحاق: لما وقع الصلح يوم الحديبية وطال الكلام بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين سهيل بن عمرو, وثب عمر بن الخطاب فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ قال: بلى، قال: أولسنا بالمسلمين? قال: بلى، قال: أوليسوا بالمشركين? قال: بلى، قال: فلم نعطى الدنية في ديننا? فقال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه, فأنا أشهد أنه رسول الله، ثم أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله ألست رسول الله? قال: "بلى" قال: أولسنا بالمسلمين? قال: "بلى" قال: أوليسوا بالمشركين? قال: "بلى" قال: فعلام نعطى الدنية في ديننا? قال: "أنا عبد الله ورسوله, لن أخالف أمره ولن يضيعني" قال: فكان يقول عمر: فما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلمت به, حتى رجوت أن