كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)
المسلمين إلى غيبتكما? فقال: يا أمير المؤمنين الآن قد دخلنا المدينة ونحن نتشاور أين ننزل؟ فرفع إليه الدرة وقال: اقتص مني يا عبد الله فقال: هي لك يا أمير المؤمنين، فقال: خذ واقتص فقال بعد ثلاث: هي لله, قال الله لك فيها.
وعن عمر وقد كلمه عبد الرحمن بإشارة عثمان وطلحة والزبير وسعد في هيبته وشدته, وأن ذلك ربما يمنع طالب الحاجة من حاجته فقال: والله لقد لنت للناس حتى خشيت الله في اللين, واشتددت حتى خشيت الله في الشدة, فأين المخرج؟ وقام يجر رداءه وهو يبكي، خرجه في فضائله.
وروي عنه أنه قرأ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} 1 حتى بلغ: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} 2 فخر مغشيًّا عليه وبقي أيامًا يعاد.
وروي عنه أنه خرج يومًا ومعه عبد الرحمن بن مسعود, فإذا هو بضوء نار فاتبع الضوء حتى دخل دارًا, فإذا شيخ جالس وبين يديه شراب وقينة تغنيه فلم يشعر حتى هجم عمر فقال: ما رأيت كالليلة أقبح من شيخ ينتظر أجله! فرفع الشيخ رأسه وقال: بل ما صنعت يا أمير المؤمنين أقبح؛ إنك تجسست وقد نهى الله تعالى عن التجسس, وإنك دخلت بغير إذن وقد نهى الله تعالى عن ذلك فقال عمر: صدقت ثم خرج عاضا على ثوبه ويقول: ثكلت عمر أمه إن لم يغفر له ربه، قال: وهجر الشيخ مجالس عمر حينًا ثم إنه جاءه شبيه المستحي فقال له: ادن مني فدنا منه فقال له: والذي بعث محمدًا بالحق ما أخبرت أحدًا من الناس بالذي رأيت منك ولا ابن مسعود وكان معي، فقال الشيخ: وأنا والذي بعث محمدًا بالحق ما عدت إليه إلى أن جلست هذا المجلس, خرجهما في فضائله.
وعن عمر أنه أرسل إلى عبد الرحمن بن عوف يستسلفه أربعمائة
__________
1 سورة التكوير الآية: 1.
2 سورة التكوير الآية: 10.