كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

إصبعي في قناعي، فقال: ناوليني قناعك, فأخذه فصب عليه الماء فلم يزل يدلكه في التراب ويصب عليه الماء حتى ذهب ريحه، خرجهما الملاء في سيرته.
وعن عمر قال: حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده, فأردت أن أشتريه فظننت أنه يبيعه برخص فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لا تشتره ولا تعد في صدقتك ولو أعطاكه بدرهم؛ فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه" أخرجاه وهذا الحكم من باب الورع, وإلا فالجواب متفق عليه.
وعن أنس قال: قرأ عمر: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} 1 قال: فما الأب? ثم قال: ما كلفنا وما أمرنا بهذا، خرجه البخاري. عنه قال: كنا مع عمر وعليه قميص وفي ظهره أربع رقع، فسئل عن هذه الآية {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} فقال: ما الأب؟ ثم قال: مه! قد نهينا عن التكلف، ثم قال: يا عمر, إن هذا لمن التكلف وما عليك ألا تدري ما الأب, خرجه البغوي والمخلص الذهبي.
وعن سعيد بن المسيب قال: سئل عمر عن قوله تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} 2 قال: هي الرياح ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته, قيل: {فَالْحَامِلاتِ وِقْرًا} 3 قال: السحاب ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته. قيل: {فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا} 4 قال: السفن ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قتله. قيل: {فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا} 5 قال: هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقوله ما قلته, خرجه في فضائله.
ذكر تواضعه:
وقد تقدم في أول الفصل في النثر منه طرف صالح من ذلك.
__________
1 الأب: المرعى المتهيئ للرعي.
"2, 3, 4, 5" سورة الذاريات الآيات 1, 2، 3، 4.

الصفحة 379