كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

بعد الخلافة من هيبة الناس له ومن تواضعه معهم في حضره وسفره وإنصافه لهم, وقد تقدم هناك أن استتبع الكلام بعضه بعضًا، وهذا موضع كبير منه.
وعن ابن الأهتم أنه قال: لما ولي عمر الأمر بعد أبي بكر حسر عن ذراعيه وشمر عن ساقيه وأعد للأمور أقرانها وراضها وأذل صعابها، ثم حضرته الوفاة وكان قد أصاب من فيء المسلمين فلم يرض في ذلك بكفالة أحد من ولده, حتى باع في ذلك ربعه وضمه إلى بيت مال المسلمين.
وروي عنه أنه كان يقول: لو علمت أن أحدًا أقوى على هذا الأمر مني لكان أن أقدم فتضرب عنقي أحب إلي من أن أليه. واتخذ رضي الله عنه حاجبًا اسمه "يرفأ" وكاتبًا هو عبد الله بن الأرقم، ويزيد بن ثابت، ذكره الخجندي. وكان نقش خاتمه الذي اصطنعه لنفسه: "كفى بالموت واعظًا يا عمر" ذكره أبو عمر وغيره, وأما الخاتم الذي كان يختم به فهو خاتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في يد أبي بكر، ثم في يد عمر، في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس وكان نقشه: "محمد رسول الله" وقد تقدم الكلام في خلافة أبي بكر.
الفصل الحادي عشر: في ذكر مقتله وما يتعلق به ذكر سؤاله الله أن يتوفاه فاستجاب له على النحو الذي سأل
...
الفصل الحادي عشر: في ذكر مقتله وما يتعلق به, وذكر سؤاله الله أن يتوفاه فاستجاب له على النحو الذي سأل:
عن سعيد بن المسيب أن عمر لما نفر من منى أناخ بالأبطح, ثم كوم كومة بالبطحاء فألقى عليها طرف ردائه, ثم استلقى ورفع يديه إلى السماء ثم قال: "اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي, فاقبضني إليك غير مضيع, ولا مفرط" فلما انقضت ذو الحجة حتى طعن، خرجه ابن الضحاك والفضائلي.
وعن حفص وأسلم مولاه قالا: قال عمر: اللهم ارزقني شهادة في

الصفحة 405