كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

ساعة، فاستأذن الرجال فولجت داخلًا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل، ثم قال -يعني عمر: أوصي الخليفة من بعدي بتقوى الله -عز وجل- وأوصيه بالأنصار خيرًا -الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم- أن يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم, وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا فإنهم رداء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو، وألا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضا، وأوصيه بالأعراب خيرًا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام, أن يؤخذ منهم من حواشي أموالهم ويرد في فقرائهم, وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يوفي لهم بعهدهم، وأن يقاتل من وراءهم وألا يكلفوا إلا طاقتهم. قال: فلما قبض خرجنا فانطلقنا نمشي, فسلم عبد الله بن عمر وقال: يستأذن عمر بن الخطاب!! قالت: أدخلوه فأدخل فوضع هنالك مع صاحبيه. أخرجه البخاري وأبو حاتم.
وفي رواية من حديث غزوة بن الزبير أن عمر أرسل إلى عائشة: ائذني لي أن أدفن مع صاحبيّ قالت: إي والله!! قال: وكان الرجل من الصحابة إذا أرسل إليها قالت: لا والله, لا أوثرهم أبدًا. أخرجه البخاري.
وعن عمرو بن ميمون قال: كان أبو لؤلؤة أزرق نصرانيًّا، خرجه أبو عمر وقيل: كان مجوسيًّا، ذكره القلعي وغيره.
ذكر سبب قتله, وبيان أنه لم يستخلف:
وإنما قدموا عبد الرحمن مع أن القتل كان في الصلاة، وتكرر الناس أفواجًا أفواجًا للثناء عليه في تمنيه الخروج كفافًا، وتسلم له صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومراجعة ابن عباس له في ذلك، وثنائه عليه واسترواحه بحديثه، وجعله الخلافة شورى بين ستة، واستخلافه شهيبًا على الصلاة. عن أبي رافع قال: كان أبو لؤلؤة عبد المغيرة بن شعبة وكان يصنع الأرحاء، وكان المغيرة كل يوم يستغله أربعة دراهم، فلقي أبو لؤلؤة عمر فقال: يا أمير المؤمنين, إن المغيرة قد أثقل علي غلتي فكلمه يخفف عني, فقال له

الصفحة 408