كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

مولاي يضع عني من خراجي? قال: كم خراجك? قال: دينار، قال: ما أرى أن أفعل، إنك لعامل وما هذا بكثير، ثم قال له عمر: ألا تعمل لي رحى? قال: بلى, فلما ولى عمر قال أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحى يتحدث بها ما بين المشرق والمغرب، قال: فوقع في نفسي قوله، قال: فلما كان في النداء لصلاة الصبح وخرج عمر إلى الناس يؤذنهم بالصلاة قال ابن الزبير: وأنا في مصلاي وقد اضطجع له عدو الله أبو لؤلؤة فضربه بالسكين طعنات إحداهن من تحت سرته وهي التي قتلته، فصاح عمر: أين عبد الرحمن بن عوف? فقال: ها هو ذا, فصلى بالناس وقرأ في الركعتين: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 1 و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} 2, واحتملوا عمر فأدخلوه منزله، فقال لابنه عبد الله: اخرج فانظر من قتلني، قال: فخرج عبد الله بن عمرفقال: من قتل أمير المؤمنين? قالوا: أبو لؤلؤة -غلام المغيرة بن شعبة- فرجع فأخبر عمر فقال: الحمد الله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل يحاجني بلا إله إلا الله، ثم قال: انظروا إلى عبد الرحمن بن عوف، ثم ذكر الحديث في الشورى. خرجه الواقدي وأبو عمر.
أما تقدمة الناس عبد الرحمن على ما تضمنه الحديث الأول وتقدمة عمر قيل: الجمع بينهما بأن يكون أمره أولًا ثم قدمه الناس، وأما اختلاف الروايتين في وقت القتل فليس فيه إلا الترجيح, وروايات القتل في الصلاة أصلح فترجح, والله أعلم.
ذكر تألمه للرعية لما أصيب -رضي الله عنه:
عن المسور بن مخرمة قال: لما طعن عمر جعل يتألم، فقال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين, لقد صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم
__________
1 سورة الإخلاص الآية: 1.
2 سورة الكافرون الآية: 1.

الصفحة 412