كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة (اسم الجزء: 1-2)

جوادًا بالحق بخيلًا بالباطل، خميصًا من الدنيا بطينًا من الآخرة.
وعن أوقر بن حكيم قال: لما مات عمر قلت: والله لآتين عليا ولأسمعن منه، قال: فجئت فوجدت في مجلسه ناسًا يرقبونه قال: فوالله ما لبثنا أن خرج علينا معتلا, فسلم ثم نكس رأسه ثم رفعه فقال: لله در باكية عمر، وا عمراه! قوّم الأود وأيّد العمل، وا عمراه! مات نقي الثوب، قليل العيب، وا عمراه! ذهب بالسنة واتقى الفتنة، أصاب والله ابن الخطاب خيرها ونجا من شرها، ولقد نظر له صاحبه فصار على الطريقة ما استقامت، ثم مال فقال: ورحل الركب فتشعبتهم الطرق، لا يهتدي الضال ولا يستيقن المهتدي. خرجهما ابن السمان في الموافقة.
"شرح" الأود: الاعوجاج, وأيد: قوى.
وعن سعيد بن زيد أنه بكى فقيل له: ما يبكيك? قال: أبكي على الإسلام، إن موت عمر ثلم الإسلام ثلمة لا ترتتق إلى يوم القيامة.
وروي أنه استأذن ودخل عليه ورثاه بأبيات لغيره.
وعن عبد الله بن عمر قال: كان عمر حصنًا حصينًا للإسلام، فالناس يدخلون فيه ولا يخرجون، فأصبح الحصن قد انهدم والناس يخرجون منه ولا يدخلون.
وقال أبو طلحة: ما من بيت حاضر ولا بادٍ إلا وقد دخل عليه من موت عمر نقص.
وعن عبد الله بن سلام أنه وقف على جنازة عمر ثم قال: نعم المرء للإسلام! كنت يا عمر جوادًا بالحق بخيلًا بالباطل, ترضى حين الرضا وتغضب حين الغضب، عفيف الطرف، لم تكن مداحًا ولا مغتابًا.
وعن حذيفة بن اليمان قال: كان الإسلام في زمان عمر كالرجل المقبل لا يزداد إلا قربًا، فلما توفي صار كالرجل المدبر لا يزداد إلا بعدًا.

الصفحة 420