كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 1)

أَوْ سَائِرَةً وَبِيَدِهِ زِمَامُهَا وَهِيَ سَهْلَةٌ فَإِنْ لَمْ يَسْهُلْ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ صَعْبَةً أَوْ مَقْطُورَةً وَلَمْ يُمْكِنْهُ انْحِرَافُهُ عَلَيْهَا وَلَا تَحْرِيفُهَا لَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيفٌ لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ، أَمَّا مَلَّاحُ السَّفِينَةِ وَهُوَ مُسَيِّرُهَا فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ ذَلِكَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْ صَوْبِ طَرِيقِهِ إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِهَا عَالِمًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا النِّسْيَانُ أَوْ خَطَأُ طَرِيقٍ أَوْ جِمَاحُ دَابَّةٍ إنْ طَالَ الْفَصْلُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَكِنْ يُسَنُّ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ؛ لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ يُبْطِلْ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَيَكْفِيهِ إيمَاءٌ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ لِلِاتِّبَاعِ وَالْمَاشِي يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ وَيَتَوَجَّهُ فِيهِمَا، وَفِي تَحَرُّمِهِ وَجُلُوسِهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَلَوْ صَلَّى فَرْضًا عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ وَتَوَجَّهَ لِلْقِبْلَةِ وَأَتَمَّ الْفَرْضَ جَازَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْقُولَةً، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ سَيْرَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، ثُمَّ إنْ سَارَ لِضَرُورَةٍ بِأَنْ سَارَ تَبَعًا لِلرُّفْقَةِ بَنَى وَأَتَمَّهَا لِجِهَةِ مَقْصِدِهِ، وَإِنْ سَارَ مُخْتَارًا بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ، وَإِلَّا فَالْخُرُوجُ مِنْ النَّافِلَةِ لَا يَحْرُمُ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (لَمْ يَلْزَمْهُ تَحْرِيفٌ) الْمُنَاسِبُ لَمْ يَلْزَمْهُ تَوَجُّهٌ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ مُسَيِّرُهَا) أَيْ مَنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِهَا بِحَيْثُ يَخْتَلُّ أَمْرُهُ لَوْ اشْتَغَلَ عَنْهَا ح ل قَالَ ع ش. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُعَدِّينَ لِتَسْيِيرِهَا، كَمَا لَوْ عَاوَنَتْ بَعْضُ الرُّكَّابِ أَهْلَ الْعَمَلِ فِيهَا فِي بَعْضِ أَعْمَالِهِمْ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَلْزَمُهُ تَوَجُّهٌ) أَيْ وَلَا إتْمَامٌ أَيْ: وَإِنْ سَهُلَ وَلَوْ فِي حَالَةِ التَّحَرُّمِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَاعْتَمَدَ الْعَنَانِيُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّوَجُّهُ فِي التَّحَرُّمِ فَقَطْ إنْ سَهُلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الشَّارِحِ.
قَوْلُهُ: (يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ) أَيْ إنْ اشْتَغَلَ بِعَمَلِهِ. وَقَوْلُهُ: (أَوْ عَمَلُهُ) أَيْ إنْ اشْتَغَلَ بِالنَّفْلِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْحَرِفُ إلَخْ) أَيْ: وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إنْ مَضَى فِي صَلَاتِهِ، فَإِنْ انْحَرَفَ لِقَطْعِهَا جَازَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَهَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ) وَإِنْ كَانَتْ خَلْفَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ (عَالِمًا مُخْتَارًا) لَا يَتَقَيَّدُ الْبُطْلَانُ بِالِاخْتِيَارِ، وَعِبَارَةُ م ر: فَإِنْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِهَا عَامِدًا عَالِمًا وَلَوْ قَهْرًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى مَقْصِدِهِ فَقَوْلُهُ مُخْتَارًا لَيْسَ بِقَيْدٍ، بَلْ مِثْلُهُ الْمُكْرَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ طَالَ الْفَصْلُ) أَيْ الزَّمَنُ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بِأَنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ، وَكَذَا لَوْ انْحَرَفَ الْمُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ عَنْ الْقِبْلَةِ نَاسِيًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ فَلَا يَضُرُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْرَفَهُ غَيْرُهُ قَهْرًا وَعَادَ عَنْ قُرْبٍ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِنُدُورِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا أَنْ يَنْفُذَ شَخْصٌ بَيْنَ مُصَلِّيَيْنِ فَيَحْرِفَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ يَمُرَّ بِجَنْبِ مُصَلٍّ فَيَحْرِفَهُ فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ اهـ اج.
قَوْلُهُ: (وَفِي ذَلِكَ) أَيْ فِي سَنِّ السُّجُودِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ السَّنُّ.
قَوْلُهُ: (وَيَكْفِيهِ) أَيْ الرَّاكِبَ إيمَاءٌ إلَخْ. وَلَا يَلْزَمُهُ وَضْعُ جَبْهَتِهِ عَلَى نَحْوِ عُرْفِ الدَّابَّةِ أَيْ شَعْرِ رَقَبَتِهَا أَوْ سَرْجِهَا، وَلَا بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ، وَإِنْ سَهُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِ الْمَشَقَّةَ اهـ ح ل. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ سُجُودُهُ إلَخْ) أَيْ يَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ وُجُوبًا حَيْثُ أَمْكَنَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَنْحَنِيَ لِلسُّجُودِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ أَكْمَلِ رُكُوعِ الْقَاعِدِ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْأَكْمَلِ فَقَطْ لَمْ يَلْزَمْهُ جَعْلُهُ لِلسُّجُودِ، وَالْأَقَلُّ لِلرُّكُوعِ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي مَبْحَثِ الْقِيَامِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْإِمَامِ شَوْبَرِيٍّ.
قَوْلُهُ: (وَالْمَاشِي يُتِمُّ رُكُوعَهُ) أَيْ وُجُوبًا فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، نَعَمْ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ حَيْثُ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ لِمَا فِي الْإِتْمَامِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَتَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ ق ل وَغَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ) لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَهُ الْمَشْيُ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَهُوَ الْقِيَامُ وَالتَّشَهُّدُ وَالِاعْتِدَالُ وَالسَّلَامُ لِطُولِ زَمَنِهِ أَوْ لِسُهُولَةِ الْمَشْيِ فِيهِ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ يَمْشِي فِي أَرْبَعٍ فِي قِيَامِهِ وَاعْتِدَالِهِ وَتَشَهُّدِهِ وَسَلَامِهِ. وَيَتْرُكُ الْمَشْيَ فِي أَرْبَعٍ فِي إحْرَامِهِ وَرُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَجُلُوسِهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ، وَقَوْلُهُ وَتَشَهُّدُهُ وَلَوْ الْأَوَّلُ. قَوْلُهُ: (عَيْنِيًّا أَوْ غَيْرَهُ) بِحَسَبِ الْأَصْلِ أَوْ عَارِضًا، فَيَشْمَلُ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْمُعَادَةِ وَالْمَنْذُورَةِ، وَخَرَجَ النَّفَلُ وَإِنْ نَذَرَ إتْمَامَهُ لِجَوَازِهِ قَاعِدًا وَعَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ لَوْ فَسَدَ وَقَوْلُ شَيْخِنَا م ر. إنَّهُ كَالْفَرْضِ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.
قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَهُ) مِنْ مَنْذُورَةٍ أَوْ جِنَازَةٍ م ر. قَوْلُهُ: (وَاقِفَةٍ) أَيْ وَزِمَامُهَا بِيَدِ مُمَيِّزٍ ق ل. قَوْلُهُ: (وَأَتَمَّ الْفَرْضَ) هَذَا شَرْطٌ ثَالِثٌ. قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ سَائِرَةً أَوْ لَمْ يَتَوَجَّهْ، أَوْ لَمْ يَتِمَّ الْفَرْضُ. وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ إلَخْ عِلَّةٌ قَاصِرَةٌ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ سَائِرَةً أَيْ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ

الصفحة 464