كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (اسم الجزء: 1)

الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ.

وَمَنْ صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ عَلَى سَطْحِهَا وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا مِنْهَا كَعَتَبَتِهَا ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا جَازَ مَا صَلَّاهُ.

وَمَنْ أَمْكَنَهُ عِلْمُ الْقِبْلَةِ وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لَمْ يَعْمَلْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQزِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَالَتْ أَوْ رَاثَتْ أَوْ وَطِئَتْ نَجَاسَةً لَمْ يَضُرَّ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ زِمَامُهَا بِيَدِهِ، وَلَوْ دَمِيَ فَمُهَا، وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا أَوْ اتَّصَلَتْ بِهَا نَجَاسَةٌ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ضَرَّ، كَمَا لَوْ صَلَّى وَبِيَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ مُتَّصِلٌ بِنَجَاسَةٍ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَاشِي التَّحَفُّظَ وَالِاحْتِيَاطَ فِي مَشْيِهِ، فَلَوْ وَطِئَ نَجَاسَةً جَاهِلًا بِهَا، وَكَانَتْ يَابِسَةً وَفَارَقَهَا حَالًا لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا وَلَوْ يَابِسَةً، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَعْدِلًا وَلَوْ فَارَقَهَا حَالًا ضَرّ. اهـ. ح ل. وَقَالَ اج: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَ لَهَا قَائِدٌ يَلْزَمُ زِمَامَهَا يُسَيِّرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ كَالسَّرِيرِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ لِمُرَاعَاةِ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ الْقِبْلَةَ شَرْحُ م ر. تَنْبِيهٌ: لَوْ مَشَتْ الدَّابَّةُ الْوَاقِفَةُ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ أَوْ وَثَبَتَ وَثْبَةً فَاحِشَةً وَلَوْ سَهْوًا مِنْهُ بِأَنْ سَهَا فِي إحْكَامِ زِمَامِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ وَلَا يَضُرُّ تَحْرِيكُ أُذُنَيْهَا وَرَأْسِهَا وَرِجْلِهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَتَوَجَّهَ شَاخِصًا) وَلَوْ كَانَ الشَّاخِصُ مَمْلُوكًا لِشَخْصٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، وَلَوْ زَالَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَطَلَتْ بِخِلَافِ زَوَالِ الرَّابِطَةِ ز ي. لِأَنَّ أَمْرَ الِاسْتِقْبَالِ فَوْقَ أَمْرِ الرَّابِطَةِ سم، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَوَجَّهْ الشَّاخِصُ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ أَيْ فِي الْبَيْتِ لَا إلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا لِمَنْ هُوَ خَارِجَهَا لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا، بِخِلَافِ مَنْ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِي هَوَائِهَا فَلَا يُسَمَّى عُرْفًا مُسْتَقْبِلًا لَهَا. اهـ. حَجّ. قَوْلُهُ: (كَعَتَبَتِهَا) أَوْ بَابِهَا وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ خَشَبَةٍ مَبْنِيَّةٍ أَوْ مُسَمَّرَةٍ فِيهَا، أَوْ تُرَابٍ جُمِعَ مِنْهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: كَعَتَبَتِهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مُسَمَّرَةٍ لَوْ سَمَّرَهَا هُوَ لِيُصَلِّيَ إلَيْهَا ثُمَّ يَأْخُذَهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَمَالَ م ر إلَى هَذَا الْخِلَافِ وَارْتَضَاهُ سم. وَفِي حَجّ أَنَّهُ يَكْفِي اسْتِقْبَالُ الْوَتَدِ الْمَغْرُوزِ فَتَقْيِيدُ الْخَشَبَةِ بِالْمُسَمَّرَةِ وَالْمَبْنِيَّةِ لَيْسَ لِلتَّخْصِيصِ، بَلْ يَكْفِي ثُبُوتُهَا وَلَوْ بِغَيْرِ بِنَاءٍ وَتَسْمِيرٍ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ح ل وز ي وَعِبَارَةُ م ر: وَلَا تَكْفِي الْعَصَا الْمَغْرُوزَةُ هُنَا وَلَا حَشِيشٌ نَبَتَ لِكَوْنِهِ لَا يُعَدّ مِنْ أَجْزَائِهَا، وَيُخَالِفُ الْعَصَا الْأَوْتَادُ الْمَغْرُوزَةُ فِي الدَّارِ حَيْثُ تُعَدُّ مِنْهَا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِهَا
لِلْمَصْلَحَةِ
فَعُدَّتْ مِنْ الدَّارِ لِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَوْ تُرَابٍ جُمِعَ مِنْهَا أَيْ: دُونَ مَا يُلْقِيهِ الرِّيحُ، وَانْظُرْ لَوْ انْهَدَمَ بَعْضُهَا وَوَقَفَ خَارِجَهَا مُسْتَقْبِلًا هَوَاءَ الْمُنْهَدِمِ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْبَاقِي هَلْ يَكْفِي لَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلًا كَمَا لَوْ انْهَدَمَتْ كُلُّهَا، أَوْ لَا؛ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْبَاقِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ ارْتَفَعَ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ، وَاسْتَقْبَلَ هَوَاءَهَا مَعَ إمْكَانِ الِانْخِفَاضِ بِحَيْثُ يَسْتَقْبِلُ نَفْسَهَا سم ع ش. اط ف.
قَوْلُهُ: (ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا) أَيْ فَأَكْثَرَ بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ، وَإِنْ بَعُدَ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرَ، وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي سُتْرَةِ الْمُصَلِّي وَقَاضِي الْحَاجَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ سَتْرُهُ عَنْ الْكَعْبَةِ، وَلَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ الْقُرْبِ، وَهُنَا إصَابَةُ عَيْنِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْبُعْدِ كَالْقُرْبِ. اهـ. شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَمْكَنَهُ) أَيْ سَهُلَ عَلَيْهِ عِلْمُ الْقِبْلَةِ أَيْ الْكَعْبَةِ وَمِثْلُهَا مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ الْمُعْتَمَدَةُ، أَوْ الْمُرَادُ بِالْقِبْلَةِ الْأَعَمُّ، وَالْمُرَادُ أَمْكَنَهُ عِلْمُهَا بِلَا مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ قَالَ سم: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَعْمَى إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ مَسْجِدًا مِحْرَابُهُ مُعْتَمَدٌ وَشَقَّ عَلَيْهِ مَسُّ الْكَعْبَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمِحْرَابِ فِي الثَّانِي لِامْتِلَاءِ الْمِحْرَابِ بِالنَّاسِ وَامْتِدَادِ الصُّفُوفِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبُ الْمَسِّ وَجَازَ لَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ اهـ. وَفِي فَتَاوَى م ر: يَكْفِي مَسُّ بَعْضِ الْمُصَلِّينَ عِنْدَ عَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَسِّ الْقِبْلَةِ وَمَشَقَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ اج مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (عِلْمُ الْقِبْلَةِ) أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كَالْقُطْبِ وَمَوْقِفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أُثْبِتَ بِالتَّوَاتُرِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْآحَادِ فَكَالْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ قَالَهُ ح ل. وَقَوْلُ ح ل كَالْقُطْبِ أَيْ بَعْدَ الِاهْتِدَاءِ إلَيْهِ وَمَعْرِفَتِهِ يَقِينًا، وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ بِهِ فِي كُلِّ قُطْرٍ، وَأَمَّا إذَا فُقِدَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي يَجْتَهِدُ مَعَهَا وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ أَيْ: كَلَامِ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ، وَهُوَ بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ فِي بَنَاتِ نَعْشِ الصُّغْرَى شَيْخُنَا ح ف.
قَوْلُهُ: (وَلَا حَائِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَحَائِلُ اسْمُ لَا. وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: مَوْجُودٌ وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ

الصفحة 465