كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 1)

[٣٥٧] قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي غَطَفَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: أَشْهَدُ لَكُنْتُ أَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَطْنَ الشَّاةِ، ثُمَّ صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
العَرْق: هو العظم الذي بقي فيه شيء من لحم.
اختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث، والحديث السابق ((تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)) على قولين:
القول الأول: أن حديث: ((تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ)) منسوخ بهذا الحديث (¬١)، ويؤيده حديث جابر رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: تَرْكُ الوُضُوءِ مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ)) (¬٢).
القول الثاني: الجمع بينهما بأن الأمر بالوضوء محمول على الاستحباب (¬٣)، وهذا أرجح؛ لأنه إذا أمكن الجمع بين الحديثين فلا يُعدل إلى النسخ، وكونه صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة ولم يتوضأ دليل على الجواز.
وفي هذه الأحاديث: أنه لا بأس أن يُدعى الإمام والكبير إلى الصلاة "فدعي إلى الصلاة"؛ خشية أن ينشغل عنها.
وفيها: أنه لا بأس من قطع اللحم بالسكين، وأنه ليس من فعل المترفين، وقد جاء في صحيح البخاري أن أبا هريرة رضي الله عنه قَالَ: ((وَاللهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ إِلَّا يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا المُدْيَةُ)) (¬٤).
---------------
(¬١) التمهيد، لابن عبد البر (٣/ ٣٣٠)، المجموع، للنووي (٢/ ٥٩)، المغني، لابن قدامة (١/ ١٤١).
(¬٢) أخرجه أبو داود (١٩٢)، والنسائي (١٨٥).
(¬٣) مجموع الفتاوى، لابن تيمية (٢٠/ ٥٢٤).
(¬٤) أخرجه البخاري (٣٤٢٧).

الصفحة 590