كتاب تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار (اسم الجزء: 1)

فأحضروا الهجن وارادوا الركوب عليها والهروب ويتركوا اثقالهم فقامت عليهم طوائفهم وقالوا لهم كيف تذهبون وتتركونا مشتتين. وصار كل من قدر على خطف شيء أخذه وهرب فسكنوا عن الركوب وانتقلوا من مكانهم إلى مكان آخر. وفي وقت الكبكبة ركب مملوك من مماليكهم وحضر إلى مراد بك وكان بالروضة فاعلمه الخبر فأرسل جماعة إلى الموضع الذى ذكره له فلم يجدوا أحدا فرجعوا واغتم أهل مصر لذهابهم إلى جهة قبلي لما يترتب على ذلك من التعب وقطع الجالب مع وجود القحط والغلاء. وبات الناس في غم شديد. فلما طلع نهار يوم الأربعاء حادى عشرين رجب شاع الخبر بالقبض عليهم وكان من أمرهم أنهم لما وصلوا إلى ناحية الأبرام ووجدوا أنفسهم مقابلين البلد أحضروا الدليل وقالوا له: انظر لنا طريقا تسلك منه فركب لينظر في الطريق وذهب إلى مراد بك وأخبره بمكانهم فأرسل لهم جماعة فلما نظروهم مقبلين عليهم ركبوا الهجن وتركوا اثقالهم وولوا هاربين وكانوا كمنوا لهم كمينا فخرج عليهم ذلك الكمين ومسكوا بزمامهم من غير رفع سلاح ولا قتال وحضروا بهم إلى مراد بك بجزيرة الذهب فباتوا عنده ولما أصبح النهار أحضر لهم مراد بك مراكب وأنزل كل أمير في مركب وصحبته خمسة مماليك وبعض خدام وسافروا إلى جهة بحرى فذهبوا بعثمان بك وأيوب بك إلى المنصورة ومصطفى بك إلى فارسكور وإبراهيم بك الوالي إلى طندتا وأما سليمان بك فاستمر ببولاق التكرور حتى برأ جرحه.
وفي منتصف شهر رمضان اتفق الأمراء المنفيون على الرهوب إلى قبلي فأرسلوا إلى إبراهيم بك الوالي ليأتي إليهم من طندتا وكذلك إلى مصطفى بك من فارسكور وتواعدوا على يوم معلوم بينهم فحضر إبراهيم بك إلى عثمان بك وأيوب بك خفية في المنصورة وأما مصطفى بك فإنه نزل في المراكب وعدى إلى البر الشرقي بعد الغروب وركب.

الصفحة 579